أمل بنت فهد
عندما ترصد احتقان الوجوه.. وتوتر الأمكنة.. لمجرد أن الأجواء فيها طفل يلهو ويعبث هنا وهناك.. لك أن تسأل كيف يمكن لهذا المخلوق الصغير.. أن يبعثر الكبار بجلالة قدرهم.. وادعاؤهم القوة والحنكة والصبر والجلد!
الطفل باختصار يرى الوجود لعبا ولهوا.. وأسئلة لا تنتهي عن الوجود بكل ما فيه من غرائب وتناقض.. فماذا عن البشر التي فقدت الإحساس بالبعد الزمني والفكري.. وانهزمت أمام الطفولة وأعلنت انهيارها.. وفقدت أعصابها..!
والسؤال الذي غالباً ما يفرض نفسه.. لحظة تشتكي الأبوة أو الأمومة من مصدر سعادتها.. لماذا تأتون بهم إلى الحياة قبل أن تتأكدوا من قدرتكم على تربيتهم بتفهم؟
التربية مسئولية لا يمكنك التملص منها لمجرد أن الوضع مزعج.. وتهدئة الطفل ليست بالصعوبة التي يتخيلها أصحاب المزاج الحاد.. ما أن تقلب اللحظة للعب وضحك.. حتى ينسى الطفل همه ومشكلته.. وما أن تصدق معه حتى يؤمن بوعودك.. لذا عندما تطلب منه أمراً على وعد أن تمنحه الوقت بعد أن تنتهي.. فإنه يصدقك ويستكين.. أما إن كان لك سجل حافل بالوعود المهملة.. فلن يقابلك منه إلا الإصرار والعناد.. لأنه من سابق تجربة يعلم يقيناً أنك تلهيه ولن تقدم له شيئاً.. العملية سهلة جداً.. بقدر ما تحاول أن تكون واضحاً وصادقاً وأميناً معه.
وعندما تأتي الأمور على غير ما تريده أنت من طفلك.. فلا تبحث عن شماعة الأقران.. أو الأقارب.. أو المدرسة.. فمن الأب والأم تُصنع الأسس والقواعد التي لن تستطيع أن تكسرها أعنف التدخلات من مصدر خارجي.
امنحه قليلاً من وقتك.. وليكن مكتظاً بالاهتمام دون انشغال.. قرر أن يكون في تلك الدقائق المعدودة.. درساً يفهم بشكل غير مباشر بينك وبين طفلك.. دعكَ من الأوامر المباشرة فهي لا تجدي.. دعه يجد الحل كأنه المعلم وليس أنت.. بالقصة.. والمواقف اليومية.. اسأله عن رأيه.. واسأله كيف يكون الحل.. ناقشه كمخلوق كامل القدرات.. وليس ناقصاً أو مختلاً.. احترم العقل الصغير فإنه قادر ويستوعب مدى الهراء الذي تحاول أن تقوله على أنه حكمة الحكماء.
فإن لم تكن كفئا للطفولة.. على الأقل ارحمنا من عاهات مستقبلية كانت بين يديكَ صلصالاً ليناً.. فإن أبيت إلا أن تشوه البراءة.. فقد آن لقانون تحديد النسل أن يفرض وجوده.