أمل بنت فهد
اللص وقح بطبعه وإن تلفع بعباءة الأدب حيناً.. لا بد أن تسمع منه لحن الوقاحة وإن كان همساً.. ففي سرقة الآخرين ذلٌ وعارٌ يدافعه ألا يظهر للعيان.. كمصاب بالتخمة بين الجموع يقاوم رغبة الإفراغ لبشاعة ما سيراه الحضور.. والحديث عن اللصوص طويل يحكي كيف يكون اللا شيء شيئاً على حين غفلة.. كيف يقفز من زاوية الصفر إلى براح الانفراج دون أن تنتبه لخطواته عين الرقيب.. وأحقر اللصوص من يبقى في الظل طيلة فترة الجهد والكد والعمل والتحديات.. يبقى يراقب وينتظر لحظة مفصلية تنقله من غائب جبان.. إلى شريك بالحيلة طبعاً.. بقدرة غادرٍ تجده على منصة التشريف يقطف ثمار من غرقوا بعرقهم إخلاصاً وجهداً.. لا يخجل ولا يتراجع ولديه قناعة أنه وليد الذكاء والدهاء.. كونه نال الشرف ولم يرفع إصبعاً واحداً.. يكفي أن يرى الطرق مُهدت.. والعراقيل أُزيحت.. ليتقدم دونما دعوة.. الشريك المحتال لا يعريه إلا شجاعة تسحب الضوء عنه وتفضح خطواته على مرأى من الحشود التي لم تعايش لحظات العمل والإنجاز.. ولم تستوعب حجم المعاناة والتحدي الذي تعرضت له الأيدي المخلصة.. شجاعة بحجم وقاحة اللصوص.. شجاعة لا تعترف بالحياء إنما تعده ضعفاً وخجلاً.. فلا شريك إلا الكادحين.. من أصغر فرد إلى رأس الهرم.. أما المتسلق على إنجاز غيره فليس له إلا أن يتدحرج وتتكشف منه عورة التخاذل والتكاسل والخيانة.. فإذا ارتفعت أيادي البذل لا يحق لقبضة البخل أن تزاحمها.. وإذا بدأ السباق يصل من لا يخشى الطين والأحجار.. إنما عينه صوب الهدف في موعد مع النصر.. أما لابس الحرير فعليه أن لا يفكر بالمشاركة.
ولعل الدول التي لم تحرك ساكناً أمام معاناة اليمن الحبيب على مدى أعوام.. بدأت تتنبأ بنتيجة عاصفة الحزم وأنها ستؤتي ثمارها.. فبدأت ترسم لخطواتها طريقاً للشراكة بالحيلة.. فهي تعرف جيداً أن أهل اليمن بهمة الجبال الرواسي.. إن قرروا أن يمضوا فلن يردهم عن هدفهم صياح المرجفين.. تاريخ عريق.. يقسم على أن ذاك الشعب رغم كل الظروف لن يتنازل عن حياته وتاريخه.. وتلك الدول تعلم يقيناً أن من مد يد النصرة لليمن لن يسحب يده حتى تقوم من جديد وتعتدل.. من تحت الأنقاض.. ومن قلب الجحيم ستعيد اليمن جنة للمستقبل.. بأهلها وحاكمها الذي اختاروه.. بخيراتها التي تنتظر يداً مخلصة لتمنحهم من روحها ما يتخيرون.. أرضٌ وبحرٌ فيهما الخيرات.. وموقع إستراتيجي.. ماذا بقي؟.. فقط اتحاد بعد سحق الطغيان.. والتاريخ يأبى إلا أن يوقظ جذوره إذا كذب الحاضر واستهان بالماضي كما يقول الكاتب والروائي السوري خليل النعيمي: «تكمن قوة التاريخ وسطوته في أنه يحدث.. وعلى الآخرين أن يتكلموا على هواهم».