محمد بن فهد العمران
بعد إعلان هيئة السوق المالية مؤخراً عن موافقتها على طرح أسهم شركة الشرق الأوسط لصناعة و إنتاج الورق (ميبكو) للاكتتاب العام كأول طروحات الأسهم لهذا العام حيث سيبدأ الاكتتاب العام اعتباراً من يوم الأربعاء القادم بعد غد، هنا لن أتطرق للحديث عن الشركة الجديدة لأنها في المجمل شركة جيدة تتميز في صناعة و إنتاج ورق الكرتون (و هي صناعة متخصصة يصعب الدخول بها و المنافسة) و الأهم أنها تتمتع بنمو سنوي تصاعدي في صافي الأرباح و التدفقات النقدية و الأصول و لهذا السبب أعتقد أن الشركة و متعهد التغطية لن يواجهوا أي متاعب في تغطية الاكتتاب.
لكني هنا سأتحدث عن آلية تخصيص الأسهم لكل فئة من فئات المستثمرين المستهدفين من (1) المؤسسات و الشركات المكتتبة (بما في ذلك الصناديق الاستثمارية) كطرف و (2) المكتتبين الأفراد كطرف آخر، حيث إننا عند قراءة نشرة إصدار شركة ميبكو سنجد أن هيئة السوق المالية و لأول مرة اعتمدت آلية تخصيص جديدة تقوم على تخصيص نسبة 40 بالمئة من الأسهم كحد أقصى للأفراد و نسبة 60 بالمئة كحد أدنى للمؤسسات والشركات، بدلاً من آلية التخصيص السابقة القائمة على تخصيص نسبة 50 بالمئة لكل طرف، ولا ندري حقيقة لماذا اعتمدت الهيئة هذه الآلية في هذا الوقت الذي لا يزال يشهد إقبالاً واسعاً من الأفراد؟ و إلى أين ستذهب بنا هيئة السوق المالية؟
كما نعلم جميعاً، فإن تاريخ الاكتتابات العامة للأسهم في السوق المالية السعودية وحتى وقت قريب جداً كانت قائمة و لسنوات طويلة على تخصيص كامل الأسهم المطروحة للاكتتاب للأفراد فقط، بينما نجد أن آلية تخصيص الأسهم المطروحة للاكتتاب العام في الأسواق المالية المتقدمة حول العالم مخصصة بالكامل للمؤسسات المالية و التي هي بدورها تقوم هي بتخصيص الأسهم لعملائها، و في رأيي فإن هذا ما يفسر إقدام هيئة السوق المالية السعودية مؤخراً على توزيع الأسهم المطروحة للاكتتاب مناصفة بين المؤسسات والأفراد ثم قيامها الآن بزيادة حصة المؤسسات على حساب حصة الأفراد، لكن السؤال المهم: هل تصرف الهيئة سليم؟ و هل التوقيت مناسب لاتخاذ مثل هذا القرار؟
من الواضح أن هيئة السوق المالية تسعى لأن تكون أنظمتها منسجمة مع أنظمة الأسواق المالية المتقدمة بما في ذلك آلية تخصيص الأسهم المطروحة للاكتتاب مما يعني أننا مستقبلاً قد نجد أن التخصيص يكون كاملاً للمؤسسات المالية دون الأفراد، و هي بذلك تشجع الأفراد بشكل غير مباشر على الدخول في صناديق الإستثمار المخصصة للاكتتابات العامة و هذا بالتأكيد يدعم الطابع المؤسسي للتداولات بعيداً عن الأفراد !! إلا أن خطوة الهيئة هذه ستواجه بردود أفعال سلبية من قبل الأفراد ستبرز تدريجياً في المستقبل القريب خصوصاً و أن شهية الأفراد لأخذ المخاطر و الدخول مباشرة في الاكتتابات العامة لا تزال قوية، و الأهم أنهم لن يقبلوا حتماً بآلية تخصيص المؤسسات المالية لهم تماماً كما هو حال الاكتتابات العامة في الأسواق العالمية.