فهد بن جليد
الناس في (نهار رمضان) يأملون مُشاهدة (شيخ مُبتسم ) لين الحديث على شاشة التلفزيون، يستطيعون معه تجاوز نهارهم (المُشمس والحار) بجرعة إيمانية فيها الكثير من الأمل و الرجاء بالله عز وجل، كما كان يفعل المشايخ الطنطاوي و المسند والشعراوي رحمهم الله جميعاً!.
البرامج اليوم منقسمة إلى قسمين في الغالب، فبعضها افتقد البساطة في الحديث، واللغة السهلة، والأمثلة الواقعية، وكأنما المُتحدث يجلس فوق (برج عاجي)، ويعيش في زمن غير زمننا، مُتمسكاً بصورة نمطية مُحددة لا يتنازل عنها، يتفنن في النظم و السجع، واختيار الألفاظ التي يحتاج معها الُمشاهد للعودة إلى (المُعجم) لمعرفة معناها، وفك طلاسمها، حتى بات (الرتم الرتيب) صبغة مُحددة لهذا النوع من الحديث، وإما برامج يضيع معها المضمون، بكثرة التكلف وتدَخل غير المُتخصصين فيها، فباتت برامج دينية بالاسم فقط (للتلميع والتميلح) وهي أخطر من السابق!.
في بداية شهر رمضان سألت (إحدى المُتصلات ) الداعية المصري الشهير (مبروك عطية) عن طريقة تستطيع بها الحصول على حقها في الميراث، بعد وفاة زوجها، طالبة منه إقناع إخوته بذلك، كون الشيخ الضرير ساهم في حل الكثير من مشاكل الميراث في مصر، وأعاد الحقوق لأصحابها !.
فرد الشيخ مبروك (بفكاهتيه المُعتادة) والورود بيده اليسرى (أهم حاجه إنكم تأكدتم من وفاة المرحوم، قبل أن تذهبوا به إلى التُراب) لأن (ثلاثة إرباع) اللي بندفنهم هذه الأيام (أحياء) بيصحوا بعد دفنهم، ليموتوا مرة أخرى بشكل نهائي من الخوف، على رأي الشافعي القلب قد يعود للعمل بعد أن يتوقف، فيُعتقد أن صاحبه فارق الحياة؟!.
على الشاشات العربية، يبدو أننا فعلنا ذلك مع (البرامج الدينية)، فستكتشف أن زحمة الأعمال الفنية في رمضان هذا العام، جعلت ليله يمتد إلى نهاره، حتى (دفنا) هذه البرامج وهي على قيد الحياة، فقديماً كان (هز الوسط) لا يصلح إلا في الليل، أما النهار فهو لبرامج العبادات على طريقة (اللهم إني صائم)، أما اليوم فالكل (يهز) ليلاً ونهاراً لتغطية (تكاليف الإنتاج)!.
موازنة البرامج الدينية مُجتمعة، لا توازي تكلفة إنتاج (مسلسل رمضاني واحد)، فكيف ننتظر (الموعظة الحسنة)؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.