فهد بن جليد
في هذه الأيام (الثواني) لها أهمية كبرى في حياتنا، أكثر من أي وقت آخر في السنة - عدا جمهور كرة القدم - فهؤلاء لهم حسبتهم الخاصة في (الوقت بدل الضائع)، فمؤذن مسجدنا يجب أن يلتزم (بالثواني) دون تأخير عند دخول وقت الإفطار، وربما تعرض للاتهام بأن ساعته (مُتأخرة)، وعلى النقيض يجب أن يكون مُتسامحاً عند دخول (وقت الإمساك) ولربما كانت ساعته (مقدمة) حسب رأينا؟!.
الثانية الواحدة تفرق معنا بين رفع الأذان لصلاتي (المغرب والفجر)، المهتمون (بعلم الثواني) في رمضان سيواجهون مشكلة بدءاً من اليوم الرابع عشر من الشهر الفضيل، حيث سيزيد الوقت (ثانية واحدة) في الدقيقة الأخيرة من (شهر يونيو) الحالي بسبب عدم الانتظام التام في حركة (دوران الأرض) بسبب ما يُعرف عالمياً (بالثانية الكبيسة) التي تحدث كل (4 سنوات) لتزيد من الوقت العالمي!.
لن أستغرب ورود سؤال لأحد برامج الإفتاء في رمضان حول (جواز الإفطار على الوقت) أو وجوب تأخيره (ثانية واحدة) لتأخر وقت الغروب وفق (الثانية الكبيسة)؟!.
نعيش فتنة اسمها (كثرة الأسئلة) من غير حاجة، ولا أعرف هل هي حرص على العبادات؟ أم (فذلكة) أصابتنا ولا نستطيع الخلاص منها؟!.
هناك فرق بين سؤال أهل الذكر حول ما قد يُشكل على المسلم في حياته، و بين ما نسمعه ونشاهده في برامج الإفتاء الرمضانية اليوم من تسابق على طرح الأسئلة الاستهلاكية التي تضيّق على الناس في حياتهم أكثر مما تُفيدهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح قال (دعوني ما تركتكم)، مُحذراً من (كثرة السؤال) الذي أهلك من كان قبلنا من الأمم !.
بالطبع لا أدعوا لتكميم الأفواه، ومصادرة الحق في البحث عن الحكم والتساؤل، ولكن ما أخشاه أن تتحول برامج الإفتاء اليوم من برامج مُفيدة ونافعة لها وقارها، يُحترم فيها (علم) أصحاب الفضيلة ومكانتهم، ويُستثمر وجودهم بما ينفع الناس ويبين لهم الحق من الباطل، إلى برامج (مُسلية) وتجارية، بجرّ محتواها إلى مناقشة اسئلة عشوائية!.
ترقبوا السؤال عن حكم صيام (الساعة الكبيسة)؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.