سعد بن عبدالقادر القويعي
يمكن القول: إن أهم ملامح مبادرة «روح العزم في عاصفة الحزم»، التي أطلقتها حملة «السكينة» -قبل أيام-، تمثل خطوة مهمة في قدرة الحملة على الحد من مشروعات التجنيد الإلكتروني، -ومثله- التجييش الفكري، والفقهي، والعقدي التكفيري، القابل لأن يتحول إلى قنابل موقوتة، وحملات
تعبوية تصادمية، يتم بواسطتها حقن أفكار، وعقول الشباب باختلاف قدراتهم، ومستوياتهم العقلية، والفكرية المتباينة، حيث أكدت تقارير حملة «السكينة»، أن: التفاعل مع المبادرة -خلال أسبوعين-، كان أكثر من 229.827 شخصاً من جميع دول العالم، وحظيت المملكة بنسبة 51% من هذه الزيارات، بواقع 125.720 من إجمالي الزيارات، وأن أكثر من 265 مادة؛ لتحقيق الأهداف المرجوة، تمت قراءتها أكثر من 363.526 ألف مرة.
تزامناً مع التهديد الفكري، والأمني، والمعلوماتي ضد شباب المملكة، فإن الحاجة ملحة -اليوم- إلى تبني إستراتيجية إلكترونية توعوية، تحول دون نشر أفكار الترويج للعنف، أو التحريض عليه، والعمل على مدافعة ماكينة المنظمات الإرهابية في الفضاء الإلكتروني بشكل مباشر، وسريع، شريطة أن تبحث في أساليب التعبئة الحديثة للمجاميع الإرهابية، بعيداً عن السكوت عنه، والذي وسع من دائرة الخطر، -خصوصاً- وأننا نعيش بروز مظاهر جديدة للاستقطاب، والتجنيد، والتحريض على الإرهاب، وذلك من خلال شبكات التواصل الاجتماعي بمختلف مكوناتها.
تكمن خطورة الوضع الحالي في آليات عمل المنظمات الإرهابية، عبر استخدامها مواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة أساس؛ للترويج، والاستقطاب، والتجنيد، والدعوة إلى الفكر المتطرف، عن طريق تقديم منتجاتها الفكرية وفق خطاب جاذب، وتصاعد دورها الخارجي في التدخل في الشئون الداخلية، من خلال توفير المعلومات عن الأماكن المستهدفة، أو كوسيط في تنفيذ العمليات الإرهابية، -إضافة- إلى التحريض على بث الكراهية، وحرب الأفكار، بمعنى: أن الإرهاب الإلكتروني -في نهاية المطاف-، تحركه دوافع سياسية، يتسم أحدهما بالعنف، ويتميز الآخر بالمرونة؛ للتأثير على المشاعر، والأفكار، الأمر الذي شكل جزءاً مهما من تعقيد المشكلة.
التركيز على حماية الجبهة الداخلية، وتعزيز الولاء، والانتماء، ومواجهة الاستهداف الخارجي المعلوماتي، أهم الأهداف المستقبلية التي ستركز عليها حملة «السكينة» في الخطة القادمة بحسب تصريح -الشيخ- عبدالمنعم المشوح، والتي تعتبر -في تقديري- خطوة ضرورية؛ من أجل استباق الأحداث في قضية نشر الفكر المتطرف، من مستوى تبادل المعلومات التقنية، إلى مستوى ثقافة القتل، والتفجير، -لاسيما- وأن هذه الثغرة قادرة على تعبئة الحشد، والتجنيد، واستخدامه في نشر الأفكار المتطرفة.
لا يختلف الإرهاب الإلكتروني عن الإرهاب العام إلا في نوعية الأداة المستخدمة؛ لتحقيق الغرض الإرهابي؛ ولأن المنظمات الإرهابية استغلت وسائل التواصل الاجتماعي بحيوية فائقة في النشر، والتخفي، والظهور، فإن الفكرة الصالحة، هي التي تحرك المياه الراكدة في دحض الإرهاب الإلكتروني -أياً كان مصدره-.