أجرى الحوار - صالح الهويريني / تصوير - فهد السويلم:
* عندما يكون الحديث مع نجم بحجم يوسف الثنيان فإنه حتماً سيكون مختلفا.. يوسف من النادر.. والنادر جداً أن يتحدث من خلال الصحافة لكنه وافق على حوارنا معه في (الجزيرة) لأنه يقدر مكانتها وقوة انتشارها وتأثيرها.
في حديثنا معه لم نسأله فقط عن هلال الوقت الحالي.. أو عن عودته وقرار تعيينه كمستشار فني لرئيس النادي.. وإنما سألناه أيضاً عن ذكرياته كلاعب وعن جوانب أخرى تهم القارىء الكريم..
يوسف هو اللاعب السعودي الذي لم يختلف اثنان على نجوميته وعلى علوكعب مهاراته (وترقيصاته) للمدافعين.. فاقرؤوا ما قاله في حوارنا معه:
* يوسف الثنيان فجأة.. تواجد في نادي الهلال.. وتم تعيينه مستشاراً فنياً لرئيس النادي.. ما قصة ذلك؟
- من نفسي وبإرادتي ودون أي دعوة ذهبت للنادي.. لقد شعرت أن الهلال بحاجة إلى دعم كل أبنائه بعد تراجع نتائج الفريق واستقالة الرئيس واقالة المدرب ريجي.. وإذا لم نقف بجانب فريقنا وهو يمر بمثل تلك الظروف فمتى سنقف معه.. لم آت بحثاً عن الأضواء وبصراحة الهلال يملك أفضل مجموعة لاعبين ليس على مستوى المملكة وإنما على مستوى قارة آسيا، وهنا لابد أن أنوه إلى انتظامهم وتفاعلهم وحرصهم على ارضاء جماهيرهم وعلى اعادة الهلال إلى جادة التميز والبطولات، وهذا ما لمسته منهم منذ أول يوم جئت فيه للنادي.
الذي استغربه ان هناك من يردد مقولة ان الهلال يعاني من الإرهاق وكثرة المشاركات.. نعم هناك معاناة ولكنها بنسبة محدودة جداً.. بالعكس كثرة المشاركات وتقارب مواعيد المباريات فيه إيجابيات.. أهمها ان ذلك يساعد على الالتزام في النوم والأكل خصوصاً وان الهلال يملك لاعبين احتياطيين لتعويض غياب بعض اللاعبين وفي بعض المراكز.. طبعاً لا يمكن أن نتجاهل أن كثرة المشاركات تؤثر سلباً على الجانب البدني وعلى نفسيات اللاعبين بسبب الضغوطات الجماهيرية والاعلامية.
* كيف ترى العمل الإداري في الهلال بعد استقالة الأمير عبد الرحمن بن مساعد وتكليف الأستاذ محمد الحميداني.. وأيضاً عمل مدير الكرة فهد المفرج؟
- الأستاذ الحميداني يقوم بدوره كرئيس مكلف على أكمل وجه.. كما أن المفرج يؤدي عملا ممتازا.. هذان الرجلان دائماً في النادي مع الفريق وما يقدمانه يستحق كل الشكر والتقدير.. وبصراحة ما تحقق للفريق خلال الفترة الماضية من ارتفاع في النتائج والمستوى كان للحميداني والفرج دور كبير فيه ويكفي انهما يتواجدان في المعسكرات ويرافقان الفريق في كل مبارياته خارج الرياض والمملكة.. طبعاً لا أنسى دعم أعضاء الشرف (وهذا هو الأهم) ودعمهم للفريق.
أما عن نفسي فأنا لم أقدم شيئا مقارنة بما قدمه الحميداني والمفرج كقريبين من الفريق.. هما أساس العمل ومن ساهما بصورة مباشرة في نجاحه مع الفريق بدعم وتوجيه من أعضاء الشرف.. والحمد لله الأجواء في الهلال صحية للغاية وتساعد على النجاح وهذا ما نعمل من أجله..
* أبو عبدالعزيز.. هل ستستمر في أداء مهمتك مع الفريق (كمستشار للرئيس) خلال الموسم المقبل؟
- متى طلبوا مني الاستمرار سأستمر.. بالعكس أتشرف وأنا في خدمة الهلال في كل الأحوال متى احتاجني.. لدي الكثير من الأفكار التي من الممكن أن يستفاد منها وتخدم مصلحة الهلال ومستقبله ربما حتى على المدى البعيد وأقصد بذلك من النواحي الفنية والمهارية.
* ما تقييمك للهلال خلال فترة وجودك كمستشار للرئيس؟
- إلى جانب النتائج الإيجابية التي أصبح يحققها تباعاً، الهلال يتطور أيضاً ومن مباراة إلى أخرى وأقصد بذلك تحديداً في الجوانب (التكتيكية.. والتكنيكية).. طبعاً اضافة إلى المستوى.. ولاعبو الهلال ما زالوا يملكون الكثير ولديهم الأفضل وثقتنا فيهم كبيرة..
من أجل أن يرتفع مستوى اللاعب الأساسي لابد أن يكون هناك تنافس على (الخانة) وأن يكون للأساسي (احتياطي) بنفس مستواه أو على الأقل قريب من مستواه.
نحن في عصر احتراف وإذا كان هناك مجال لاستقطاب لاعب أو لاعبين أو أكثر من أندية أخرى واستدعت حاجة الهلال.. فما المانع.. ومن المؤكد أن رجاله وادارته سيفعلون ذلك.. في الهلال الحصول على (الخانة) ليس سهلاً.. لابد أن يجتهد اللاعب ويطور مستواه ويكافح لكي يحصل عليها.. لابد أن يكون اللاعب أيضاً على قدر كبير من المسؤولية، وأن يدرك أن (الهلال غير) وكل هذه الاشياء مررت بها وعايشتها كلاعب وكثير من نجوم الهلال.
* وماذا عن المدرب (دونيس)؟
- أسلوبه جديد، ورجل أكاديمي ولديه امكانيات وأفكار تدريبية عالية.. من أهم مميزاته أن يهتم كثيراً بتطوير الجوانب المهارية والتكتيك والتكنيك للاعب.. الأمير فهد بن محمد (فاهم كورة) ويدور بيننا حديث مستمر عن علو كعب دونيس كمدرب.. إن الهلال وجد ضالته فيه حتى قبل أن يتسلم زمام تدريب الهلال.
* ما رأيك بمستوى (التنافس الكروي) في المملكة؟
- للأسف انحرف عن مساره الطبيعي خلال المواسم الأخيرة بسبب الانفتاح الاعلامي الهائل.. من حق أي شخص أن يقول رأيه لكن المشكلة هي الاسقاطات وعبارات التجريح.. والأدهى هي أيضاً كثرة الشائعات والإساءات.. يجب أن يكون تنافسنا مقتصراً فقط على داخل الملعب وفي حدود المعقول.. لابد أن نتقبل الخسارة مثلما نفرح للفوز وأن نقول للفائز مبروك وللخاسر هاردلك فهذه هي كرة القدم يجب أن تجمعنا بدلاً من أن تفرقنا وتوجد البغضاء بيننا، ولأننا في النهاية إخوة وأبناء بلد واحد.
* ما رأيك.. بمن يقول ان عدد المواهب تضاءل كثيراً في المملكة؟
- ربما بنسبة محدودة.. المشكلة الحقيقية حسب رأيي ليست في محدودية عدد المواهب وإنما في نوعية المدربين.. وأقصد بذلك المدربين الذين يجيدون صقل المواهب وتنمية المواهب وامكانياتها وهذه النوعية لم تعد موجودة في أغلب أنديتنا.
(في أيامنا) كان لدينا في شباب الهلال مدرب برازيلي اسمه (فلهو).. نجوم جيلي في الثمانينيات (سعد مبارك - حسين الجشي - عبد الرحمن اليوسف - وعبد الرحمن التخيفي).. وأيضاً نجوم جيل التسعينيات (سامي الجابر - وصفوق ومحمد ونواف أبناء التمياط - وخالد التيماوي - وفيصل ابواثنين).. كلنا تتلمذنا على يد هذا المدرب (فلهو).. لقد كان مدرباً يهتم كثيراً بتطوير مستوى أي لاعب (وتأسيسه) التأسيس الصحيح.. لكن للأسف نوعية هذا المدرب ربما لم تعد موجودة الآن في ملاعبنا.
عندما صعدت (ونجوم جيلي) للفريق الأول كان الفريق الأول يعج بالنجوم لكننا استطعنا إثبات وجودنا حتى كلاعبين أساسيين والسبب - بعد توفيق الله - هو التأسيس الصحيح لنا كلاعبين الذي يعود الفضل فيه بعد الله للمدرب فلهو.. وان نسيت فإنه لا يمكن أن أنسى الأمير بندر بن محمد بن سعود الكبير هذا الرجل الذي منحنا كل اهتمامه ودعمه (مادياً.. ومعنوياً)، وكان من أهم أسباب صناعة عدة أجيال هلالية طرزت تاريخ الزعيم بالذهب والبطولات والإنجازات.
* يونس العليوي لاعب شعلاوي استقطبه الهلال.. سمعنا أنك خلف اقناع هذا اللاعب والتعاقد معه.. ما صحة ذلك؟
- أنا مثلكم سمعت لكنه غير صحيح إطلاقاً.. رئيس النادي الأستاذ محمد الحميداني والكابتن فهد المفرج مدير الفريق هما من كان خلف التفاوض مع وكيل اللاعب (عبد الرحمن الخنين) حتى تم اقناعه والتعاقد معه.. لم يكن لي أي دور.
* وماذا عن جماهير الهلال؟
- هي (ملح الهلال) والهلال محظوظ بجماهيريته الطاغية في مختلف مدن ومناطق المملكة.. كانت بالنسبة لي ولزملائي هي (الوقود) والمحفز الأكبر للبروز والفوز بالبطولات.. هي أيضاً (عشقي) لقد كنت استمتع عندما أرى المدرجات وهي تكتظ بالجماهير الهلالية.
* قرأنا أن ابنيك (عبد العزيز ومحمد) التحقا بتدريبات براعم الهلال؟
- هذا صحيح.. عبد العزيز (11) سنة يلعب وسط أيمن.. ومحمد (8) سنوات يلعب وسط أيسر.. والأمل كبير بأن يوفقهما الله ويفيدان الهلال.
* سنبتعد قليلاً عن الأسئلة التي تتعلق بالوقت الحالي.. وسأسألك عن ذكريات تتعلق بمسيرتك كلاعب؟
- تفضل.. خذ راحتك، فأنتم في صحيفة الجزيرة (القسم الرياضي) «تأمرون أمر» وعلى رأسكم الأستاذ محمد العبدي مدير التحرير للشؤون الرياضية.
* بروزك الدولي بدأ في (بطولة الشرطة) التي أقيمت في العراق عام 85م ما أكثر شيء رسخ في ذاكرتك منها؟
- بطولة كانت على مستوى كبير وبلغ فيها منتخبنا للشرطة المباراة النهائية.. قدمنا فيها مستويات كبيرة.. ومنتخبنا كان يضم نخبة رائعة أمثال حسين البيشي وأحمد نيفاوي وسالم مروان شفاه الله وناصر الدوسري (سدوس) ومحمد هاشم بانا وهذال الدوسري.. ومن الطرائف أذكر (سدوس) إذا اتعبه ظهير وخاشن معه قال (تعال يا يوسف شف شغلك معه).. ورحت ألعب جناح شمال وهو يجي يلعب جناح يمين.. ولا أنسى مدربنا الكابتن حميد الجمعان.
* دخلت مشروع (التحليل الرياضي) ولكنك لم تستمر طويلاً.. لماذا؟
- التحليل يحتاج إلى التزام ولا أستطيع أن ارتبط اسبوعياً لانشغالي بأعمالي الخاصة ولعدم تواجدي في الرياض في بعض الأحيان خصوصاً وأنني بعيد عن الاعلام ولا أتابع في الغالب إلا المباريات الجماهيرية.
* في بداياتك كنت (جناح أيمن).. ومن ثم تحولت إلى (لاعب وسط).. ما أسباب ذلك؟
- السبب أن طرق اللعبة اختلفت حتى على مستوى العالم إلى طريقة (4 - 4 - 2).. الدور الذي يؤديه (نيفيز) كان مشابها للدور الذي كنت أؤديه بعد أن تركت مركز الجناح الأيمن.. أقصد كمركز، أما الدور فكل لاعب له أسلوبه وطريقته الخاصة.
* ما هي آخر مباراة حضرتها في (مدرجات) الدرجة الثانية؟
- اعتقد مباراة الهلال والرياض في دوري موسم 1414هـ وأذكر أن السنغالي موسى نضاو سجل فيها هدفا رائعا للهلال.
* ما الحلم الرياضي الذي اعتزلت قبل أن تحققه؟
- الحمد لله حققت كل احلامي ومنها اللعب في مونديال كأس العالم الذي أقيم في فرنسا عام 98م. ولن أنسى هدفي الذي سجلته في مرمى جنوب افريقيا، فالتسجيل في المونديال له طعم مختلف.
* ما أقسى شيء كتب عنك في الصحافة؟
- لا أذكر.. متابعتي للصحافة كانت محدودة.. اللي كنت متأكد منه أن أغلب ما كتب ضدي كان من أجل مصلحتي.. (في وقتنا) كان النقد الإعلامي في الغالب لا يوجد فيه تجريح.. كان للتوجيه وتصحيح الأخطاء وكنا نتحمله بل كان يعطينا دافعا لتجاوز السلبيات.. ولا أبالغ ان قلت ان بعض النجوم السابقين لو كانوا موجودين حالياً في الملاعب لما تحملوا ما يكتب أو يقال عنهم بل وربما اعتزلوا الكرة بسبب ذلك، لأنهم لا يمكن أن يتحملوا الضغوطات الاعلامية والجماهيرية.. وأيضاً التجني والافتراء الذي يعاني منه الجيل الحالي.
* لو طلب منك أن تشكل منتخباً لأفضل اللاعبين الذين زاملتهم.. فمن ستختار لهذا المنتخب؟
- صعب.. عاصرت أجيالا عديدة (ثلاثة أجيال) وأغلبهم نجوم.
* ما أجمل تمريرة هدف صنعته؟
- كثيرة التمريرات. لكن أجملها برأيي تمريرة سجل منها ماجد عبد الله هدفاً في دورة الألعاب الآسيوية عام 90م.. وأيضاً للمغربي أحمد بهجا وسجل منها هدفاً للهلال في مرمى الشباب عام 1415هـ.. وكذلك لسامي الجابر وسجل منها هدفاً في مرمى النصر يوم أن فاز الهلال بنتيجة (3-1) في دوري 1417هـ.
* وماذا عن أثمن أهدافك.. وفي أي مرمى سجلته؟
- لا يمكن أن أنسى هدفي في الترجي التونسي الذي جلب للهلال البطولة العربية عام 1416هـ.. وأكثر من هدف في مرمى الكويت وكذلك في مرمى النصر.
* ما هي المباراة التي هزمك فيها الحظ؟
- مباريات كثيرة (عد واغلط).. لكن هناك مباراتان ربما هما الأبرز أمام الوحدة في دوري 1406هـ (في الرياض).. والأخرى هي نهائي كأس الملك موسم 1407هـ أمام النصر.. وفي كلتا المباراتين انهزم الهلال (صفر - 1).
* من هو المعلق الذي تطربك المباريات المنقولة تلفزيونياً بصوته؟
- أكثر من معلق.. ناصر الأحمد ومحمد البكر ومحمد رمضان شفاه الله وأكرم صالح رحمه الله.
* قابلت مدافعين كثر.. ما أغرب الأساليب التي استخدموها ضدك للحد من خطورتك؟
- الذي كان يضايقني هي كثافة لاعبي الخصم داخل منتصف ملعبه أو عندما تضيق المساحات من جهة مركزي.
* اختر خمس شخصيات أثرت في مسيرتك الكروية؟
- الوالدة والوالد رحمهما الله.. والحقيقة هناك أكثر من خمس شخصيات وعلى رأسها الأمير خالد بن محمد والأمير نواف بن محمد والأمير بندر بن محمد إضافة إلى الأمير هذلول بن عبدالعزيز والأمير عبدالله بن سعد ومؤسس الهلال الشيخ عبدالرحمن بن سعيد وحسام الزهير يرحمهم الله.. وأيضاً الأستاذ عبدالعزيز العومي.
* كلمة أخيرة تود أن نختم بها هذا اللقاء؟
- الشكر للأمير عبد الرحمن بن مساعد على ما قدمه كرئيس للنادي كما لا أنسى تقديم الشكر أيضاً للأمير فيصل بن سلطان والأمير سعود بن سلطان والأمير أحمد بن سلطان على دعمهم (مادياً.. ومعنوياً).. بصراحة هؤلاء الرجال لم يقصروا اطلاقاً في دعم مسيرة الهلال (عشقاً للهلال) وليس بحثاً عن الأضواء والشهرة.
وكل هذه الشخصيات (ومنها تلك التي ذكرتها في اجابة السؤال السابق) كانت خلف استمرار تميز وانتصارات الهلال وهي من (صنع) إنجازاته وبطولاته ووصوله إلى المكانة التي بات يحتلها.