سعد بن عبدالقادر القويعي
لا يمكن فصل السياسة الإيرانية عن حروبها الطائفية في المنطقة - عقيدة وسياسة وسلوكا - في داخل الدولة، وخارجها، وتصدير مذهبها تحت شعار «تصدير الثورة الخمينية إلى بلدان العالم الإسلامي». فهي من جعلت من الفتنة المذهبية سياسة رسمية معتمدة؛ للسيطرة على مناطق نفوذ جديدة في خارطة العالم - العربي والإسلامي -،
... وتمكنها من بسط نفوذها على دول صغيرة؛ ولبسط نفوذها - أيضا - الجيو - سياسي في دول الخليج العربي.
واليوم تجاوزت إيران النفخ في نار الطائفية، واستثمرتها في طمس مطالب الشعوب العربية، والتي تجري في الأساس عبر إثارة النعرات الطائفية، والمذهبية، والعرقية، والإثنية، وشق صفوف المجتمعات العربية، وذلك من خلال دعم الأنشطة الإجرامية ضد أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى؛ من أجل تحقيق غاياتها. فالبعد الطائفي - مع الأسف - أصبح أدوات ذرائعية لإيران، تستدعيها؛ خدمة لأغراضها السياسية، وأطماعها التوسعية.
ابتدأت معارك إيران تحت راية الجهاد المقدس؛ من أجل قضية تحرير فلسطين، إلى اقتتال بين المسلمين أنفسهم - سنة وشيعة -، إن في العراق، أو في سوريا، أو في لبنان، أو في اليمن. وعندما يتعلق الأمر بالسياسة الإقليمية، فإن توسيع النفوذ الإيراني، وحماية مواردها، وحدودها، وتأمين خطوطها الإمدادية في بلدان عربية غير مستقرة، سيعمل - بالتأكيد - على تغذية الشعور الطائفي إلى زاوية خطيرة، والعمل - بالتالي - على خلط الأوراق عبر توسيع دائرة الصراع؛ ليصبح أكثر تعقيدا؛ لأن تقويض التماسك الاجتماعي، عن طريق استثارة المعتقدات المذهبية الموروثة ضد الآخر ، بحيث يتحول التنوع إلى صراع، سيستند إلى مشروع أيديولوجي مذهبي، وسياسي متعصب؛ وسيتشكل بموجبه وحدة بنيوية تنظيمية ثقافية، واجتماعية، وعسكرية ، تدفع باتجاه سلوك التعصب حيال المجموعات الأخرى بإظهار التباين معهم، وهو ما عبّرت عنه - الدكتورة - هدى النعيم.
وضوح الدوافع، واستقراء النتائج على أرض الواقع، تؤكد على أنه لا يمكن الاطمئنان إلى دور إيران في المنطقة، فما جرى في الداخل اليمني - على سبيل المثال -، مكنها من اللعب على الساحة الإقليمية، كون الإستراتيجية الإيرانية أخذت بعين الاعتبار، السيطرة على ممرات المضائق، والمنافذ البحرية؛ وليأتي التمدد الفارسي تحت ظل المنافع الاقتصادية المتبادلة، في مقابل سياسات إيران العدائية، والذي ظهر جليا في الإطار الجامع لكل الأفعال الإيرانية القذرة - في الحقبة الماضية -، معتمدة على سياسات الهوية الطائفية، وإن كنت على يقين - بإذن الله -، أنها ستكتوي - يوما ما - بنيران اللعب بورقة الطائفية.
ستبقى السعودية الرقم الأصعب في إدارة المعادلة الفاعلة في السياسة الدولية على أرض الواقع، وستهب رياحها ضد مصالح المشروع التوسعي لإيران. إذ من واجب المملكة حفظ الأمن، والسلم، ودعم الاستقرار الدولي في المنطقة. وبناء عليه فقد كان الهدف الأسمى من عمليتي
«عاصفة الحزم»، و»إعادة الأمل»، دعم الأمن، والسلم، والاستقرار في اليمن؛ حتى يعاد للمنطقة هيبتها، بضرب رأس الفتنة الطائفية، وقطع دابر أذناب إيران في المنطقة، دون المساومة على أمنها، والحفاظ على سيادتها، بما في ذلك أمن، وسيادة دول المنطقة.