يوسف المحيميد
في ذروة نشاط مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وقدرته على فتح باب النقاش في شتى الموضوعات الاقتصادية دون مجاملات أو تردد أو تحسين صورة، بل واتخاذ القرارات فوراً حتى وإن كانت صعبة! ففي ظل هذه الجدية سيكون فتح ملف استقدام العمالة المنزلية مع وزير العمل، أمراً مطلوباً ومهماً، خاصة لما يتعرض له المواطن من استغلال بشع من قبل مكاتب الاستقدام، واستنزاف لأمواله بطريقة غير طبيعية!
يجب مساءلة وزير العمل عما يحدث في موضوع العمالة المنزلية، ولماذا ترتفع تكلفة الاستقدام بشكل جنوني في بلادنا مقابل انخفاضها لدى دول الخليج، وهي الدول التي يمكن المقارنة معها دائماً، ففي الوقت الذي تتراوح تكلفة استقدام عاملة منزلية بين ستة آلاف وثمانية آلاف، تقفز لدينا إلى عشرين ألفاً، رغم أنها لا تكلف هذه المكاتب سوى تذكرة السفر، لكنها تستغل ادعاء التأهيل والخبرة وما إلى ذلك، لرفع الأسعار بطريقة غير منطقية.
وليت الأمر يرتبط بالتكلفة الأولى للاستقدام فحسب، بل حتى في الرواتب، ففي حين تدفع دول الخليج رواتب بحدود ثمانمائة ريال في المجمل، يدفع المواطن نحو ألف وخمسمائة ريال، وأحياناً أكثر من ذلك، رغم أن الكثافة السكانية في المملكة قياساً بدول الخليج تمنح المفاوض لدينا فرصة أكبر لفرض شروط في صالح المواطن!
والغريب أنّ كلفة الاستقدام تبقى عادية ومقبولة إلى حين يتم الإعلان عن توقيع اتفاقية مع دولة ما، ليقفز الرقم إلى أضعاف مضاعفة، بدلاً من ضبطه، وكأنما الخلل في قدرتنا على التفاوض، أو أن وراء الأكمة ما وراءها، فليس معقولاً أن تعبث لجنة الاستقدام في هذا الملف ما يقارب عشرة أعوام، والنتيجة سوق سوداء مخزية، ترهق المواطن وتبتز أمواله، وتضعنا في حرج أمام هيئات حقوق الإنسان!
هل وصل نقل كفالة العاملة المنزلية إلى أربعين ألف ريال؟ بعد أن كنا نصيح ونستنجد لدفع عشرين ألف على نقل كفالة؟ وهل أصبحت هذه السوق المخجلة تؤجر العاملات المنزليات شهرياً بما يزيد عن 2500 ريال، تصل إلى خمسة آلاف ريال في المواسم، مثل شهر رمضان المبارك؟
أعتقد أن أمام هذا المجلس، بما يمتلكه من جدية وعمل دؤوب أن ينقذ وضع العمالة المنزلية، فعهد سلمان بن عبد العزيز الذي بدأ بإلغاء مجالس عليا، وإعادة ترتيبها عبر مجلسين فحسب، يملك القدرة على حل هذه الأزمة في ظرف أسابيع، وحل لجنة الاستقدام، وإيجاد حلول جيدة وعملية وسريعة لهذا الملف الشائك، والعالق منذ سنوات.