سعد بن عبدالقادر القويعي
تُقدر أحدث إحصائية دولية حجم البضائع المقلدة، والمغشوشة - في العالم - بمئتي مليار ريال سنويا، الأمر الذي سيجعل الجمارك السعودية أمام تحد كبير نحو حماية المستهلك المحلي من الغش التجاري، والتقليد، والعبث بحقوق الملكية الفكرية، باعتبار أن الآثار السلبية لتلك الآفة، ستؤثر - بلا شك - على نمو الاقتصاد، وأدائه، وستعيق الابتكار، والإبداع، وستزعزع الثقة في الأسواق المحلية، - إضافة - إلى إلحاق الضرر بالمصنعين، والوكلاء التجاريين للسلع الأصلية.
في تقديري، فإن أهم هدفين تقوم عليهما الجمارك السعودية - اليوم -، يتمثل في حماية الوطن، والمواطن من المخدرات، والسلع المغشوشة، والمقلدة؛ ولأن المملكة مستهدفة - في المقام الأول - من بين دول المنطقة من قبل ممتهني الغش التجاري، والتقليد، وحماية الملكية الفكرية، - ومثلها - الأنشطة التجارية غير المشروعة، تجعلها تخوض حربا شرسة ضد دخول السلع المقلدة إلى السوق المحلي؛ مما يجعلنا نتساءل: عن مدى مواءمة العقوبات الحالية في المملكة مع حجم جرائم الغش، والتقليد، وانتهاك الحقوق الفكرية ؟.
إن العمل على تعزيز ثقافة، ووعي المستهلك بحقوقه، وواجباته في التصدي لظاهرة الغش التجاري، وحماية الملكية الفكرية في التجارة الإلكترونية، يُعتبر حقا مشروعا، كونها تمس أمن المواطن، وصحته بشكل مباشر. - وعليه - فإننا بحاجة إلى مزيد من تحقيق الشفافية المطلوبة لهذه الأنظمة وفق خطة إستراتيجية، والتي تعمل على التحديث الدائم لأنظمتها الآلية؛ من أجل مواكبة أحدث التطبيقات المستخدمة في هذا المجال، وذلك من خلال ما هو معمول فيه، من نشر الأنظمة في الجريدة الرسمية، وعلى موقع الجمارك على شبكة الإنترنت، - إضافة - إلى التواصل المباشر بين الجمارك، والمستوردين من خلال نظام الهاتف الجمركي، - وكذلك - تفعيل خدمة الرسائل النصية؛ بما يخدم دورها كشريك فاعل في بناء الاقتصاد الوطني. بحسب قول المتحدث الرسمي لمصلحة الجمارك العامة - الأستاذ - عيسى العيسى، فإن المنتدى العربي الرابع للجمارك، والذي سيعقد بين يومي 16 و 18 من شهر رجب الحالي للعام 1436هـ، سيركز على سير متابعة، وتَتَبُّع سلسلة إنتاج المواد المغشوشة، والمقلدة، وطرق مكافحتها، وذلك من خلال شرح دور بلدان الإنتاج، والتصدير، وإعادة التصدير في مكافحة الغش التجاري، وانتهاك حقوق الملكية الفكرية، - إضافة - إلى إطلاق قاعدة بيانات منظمة الجمارك العالمية، والتعرف على كيفية الاستفادة منها في مكافحة الغش التجاري، والتقليد، بجانب التأكيد على أهمية جهود الجمارك على الحدود، ودورها في التصدي لهذه الظاهرة، كما يحقق بشكل علمي في مسألة الغش التجاري، وانتهاك حقوق الملكية الفكرية في المجالات الرياضية، وذلك من خلال أساليب الغش التجاري، وانتهاك حقوق الملكية في المجال الرياضي، بجانب التعرض إلى الاستثمارات الرياضية، من حيث حماية علاماتها، وحقوقها التجارية - محلياً ودولياً -.
وطبقا لتقرير منظمة الجمارك العالمية السنوي لعام 2013م، عن نشاط الجمارك الأعضاء بالمنظمة، فإن جهود رجال الجمارك السعودية حققت - للعام الرابع على التوالي - تقدما في مجال مكافحة الغش التجاري، والتقليد، وحماية حقوق الملكية الفكرية على مستوى جمارك دول العالم الأعضاء بمنظمة الجمارك العالمية، البالغ عددها « 179» دولة، واحتلت الجمارك السعودي المركز الثاني في عدد حالات ضبط المواد المخالفة لحقوق الملكية الفكرية، وجاءت في المركز الرابع في عدد القطع التي تم ضبطها. كما حصلت الجمارك السعودية - قبل ذلك - على المركز الأول في مكافحة الغش التجاري، والتقليد، وحماية حقوق الملكية الفكرية بين جمارك الدول الأعضاء في منظمة الجمارك العالمية لعام 2012م، حيث وصلت نسبة ما تم ضبطه من قبل الجمارك السعودية إلى « 36.5% «، من مجموع مضبوطات جمارك الدول الأعضاء، بينما حصلت الجمارك الأميركية على المرتبة الثانية بنسبة « 14.9% «، وجاءت جمارك تشيلي في المرتبة الثالثة بنسبة « 10% «، والجمارك الإيطالية جاءت في المرتبة الرابعة بنسبة « 7.7% « وفقا للتقرير الصادر عن المنظمة، - وكذلك - حصلت الجمارك السعودية عام 2011م، على مركز ضمن المراكز العشرة الأولى للدول الأعضاء في المنظمة في مجال مكافحة الغش التجاري، والتقليد طبقاً لكل مجموعة سلعية، حيث حصلت الجمارك السعودية على المركز الأول في مجال عدد ضبطيات قطع غيار السيارات، والمركز السادس في مجال الحاسب الآلي، ولوازمه طبقا للتقرير السنوي لمنظمة الجمارك العالمية الصادر منتصف عام 2011م. وقد جاءت الجمارك السعودية في المرتبة الثانية في مجال ضبط المخدرات من حيث الإبلاغ عن أكبر عدد من الضبطيات من مادة «إمفيتامين»، كما جاءت في المرتبة الأولى على الدول الأعضاء بالمنظمة في الإبلاغ عن أكبر عدد من الضبطيات من حبوب «الكبتاجون»، وفي مجال الأسلحة، والذخائر، جاءت الجمارك السعودية في المرتبة الثانية في الإبلاغ عن «374» حالة ضبط بعد الجمارك الأمريكية.
بقي القول: إن المملكة تميزت بريادتها في هذا المجال، وذلك من خلال اهتمامها بمكافحة ظاهرة الغش التجاري، والتقليد، وحماية حقوق الملكية الفكرية في التجارة الإلكترونية، - ولذا - فإن المؤمل من أعمال المنتدى العربي الرابع، وضع إستراتيجية متكاملة على المستوى الوطني، والإقليمي، والدولي؛ لمواجهة هذه الآفة، ومكافحتها، تبدأ من بلدان المنشأ، والإنتاج، وتوحيد جهات الرقابة، مرورا بتبادل المعلومات، وبناء القدرات، وانتهاء بالاستهلاك، والنقل الدولي، وبلدان الاستيراد؛ من أجل تجفيف منابع إنتاج السلع المغشوشة، أو التي تشكل انتهاكا لحقوق الملكية الفكرية.