الجزيرة - عبدالله العثمان:
ناقش صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز، نائب وزير البترول والثروة المعدنية، في كلمته أمام حلقة النقاش التي نظمها مجلس الغرف بالتعاون مع جمعية خريجي جامعة هارفارد بالمملكة، التطورات الحديثة في التجارة العالمية، الأربعاء الماضي، التي ألقاها نيابة عنه الدكتور تركي الثنيان سرداً حول خلفية انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية وبداية المفاوضات في العام 1993م، وما تقدم به وقتها من طلبات للمملكة لتحقيق شروط الانضمام، كان لها تأثير سلبي على مصالح المملكة في الطاقة. وأشار إلى حرص الفريق التفاوضي حينها على المحافظة على مصالح المملكة بالنسبة للموارد والطاقة، وتنويع الاقتصاد السعودي. وقد تكللت تلك الجهود بانضمام المملكة للمنظمة في 2005م بشروط تحفظ مصالحها، وتتيح لها الوصول للأسواق الخارجية، وتحميها من ممارسات التجارة غير العادلة. ولفت إلى نجاح الفريق في مفاوضات الحل لمعارضة إنشاء قواعد جديدة للدعم، يمكن أن تتيح للشركاء التجاريين التأثير على الميزة التجارية لصادرات المملكة من النفط. وثمن جهود التصدي لشكاوى الإغراق المقدمة ضد بعض الصادرات السعودية، منها وقف الاتحاد الأوروبي التحقيق في دعاوى إغراق مرفوعة ضد صادرات المملكة من البتروكيماويات. وقال إن المملكة أمام تحدٍّ لحماية صادراتها في الأسواق الخارجية وتحدٍّ آخر بحماية الاستثمارات الأجنبية وحماية السوق المحلي من التعاملات التجارية غير العادلة.
وشدد «الثنيان» على قناعة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز بأن دعم الدولة للمؤسسات السعودية يمكن أن يضمن للمملكة المحافظة على منافع الانضمام لمنظمة التجارة العالمية والمفاوضات التجارية، وتكون عضواً نشطاً في المنظمة.
فيما قال مدير تطوير الأنظمة والإجراءات في هيئة الاستثمار الدكتور عايض إن الألفية الجديدة مثلت بداية حقبة أخرى في مجال تطوير وتحديث الأنظمة والتشريعات المتعلقة بقطاع الأعمال في المملكة، وساهم نظام الاستثمار الأجنبي الحالي بتشكيل وبناء علاقة وطيدة مع مجتمع الأعمال الدولي، وذلك من خلال الإصلاحات والحوافز، وتحرير عدد من القطاعات الاقتصادية والاستثمارية. وأضاف العتيبي بأن طرح ومناقشة مواضيع التزامات المملكة بمنظمة التجارة في ورش عمل وحلقات نقاش يساهم ويسمح لنا بالانتقال إلى مرحلة أخرى أكثر تطوراً؛ إذ إن التقييم والنقاشات والشفافية جميعها تساهم في خلق بيئة تنافسية مستدامة.
من جهته، أكد عضو مجلس الغرف المهندس عبدالله المبطي أن الثقل التجاري الخارجي للمملكة، وكذلك التنمية والنهضة المحلية، تجعلها أمام خيار واحد، هو التفاعل وتعظيم المنافع والحد من الآثار السلبية للأحداث والتغيرات التي تشهدها التجارة العالمية في الوقت الحالي. وأكد أن الانفتاح الاقتصادي الذي تبنته المملكة، وعلاقاتها التجارية المتميزة والمتوازنة خلال العقود الماضية، لم تؤثر إيجاباً فقط علينا كقطاع خاص وإنما أثرت في القطاع العائلي والجمهور بشكل عام؛ إذ استطاعت المملكة بما حباها الله من موارد مختلفة، سواء طبيعية أو بشرية، ومن خلال علاقاتها الاقتصادية والتجارية، أن ترفع من مستويات رفاهية المواطنين؛ ليصل متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من نحو 15 ألف دولار في 2009م إلى 24 ألف دولار في 2013م.
وأشار المبطي إلى أن العقدين الماضيين شهدت بيئة التجارة العالمية فيهما عدداً من التغيرات التي أظهرت اثنتين من السمات التي ميزت هذه البيئة النشطة، هما اتجاه كثير من دول العالم إلى بناء تكتلات تجارية، ووجود اختلافات جوهرية تتعلق بالسياسات التجارية بين الدول المتقدمة والدول النامية. لافتاً إلى أن هذه التباينات أكدت أن الدول المتقدمة التي تنادي دائماً بتحرير التجارة، وتتخذه شعاراً، لا تهتم بذلك المصطلح وإنما تهتم بمصطلحات انتقائية، تتعلق بتقييد التجارة طالما أن هذه الأخيرة ستعود عليها بالنفع.
فيما ألقى نائب عميد كلية القانون بجامعة كانساس ستي بالولايات المتحدة الأمريكية المتخصص في مجال القانون التجاري البروفيسور راج باهلا كلمة، لفت فيها للتطور الكبير الذي شهدته المملكة منذ انضمامها لمنظمة التجارة العالمية حتى اليوم، مستدلاً بارتفاع التصنيف السيادي الائتماني للمملكة، وتطرق لمنظور الدول النامية فيما يلي قضايا الدعم. وقال إن 500 حالة تم رفعها والبت فيها من قِبل منظمة التجارة، وفي 27 حالة كانت المملكة طرفاً ثالثاً؛ ما يعني أن المملكة لم تتقدم بشكوى بشأن قضايا الدعم والإغراق، ولم يتم اتهامها في قضايا مماثلة، في مقابل نشاط كبير لدول النمور الآسيوية في رفع الشكاوى.
وأضاف بأن المملكة كدولة انضمت منذ 10 سنوات للمنظمة، وتحقق تقدماً اقتصادياً ملحوظاً، وتتقدم في تنويع اقتصادها وقاعدتها الإنتاجية، وسنرى في المستقبل ارتفاع مشاركتها في نظام حل المنازعات. أما في مجال قضايا مكافحة الإغراق التي كانت المملكة طرفاً فيها فقد حققت معدل نجاح بنسبة 100 %، وقامت بعمل جيد لحل تلك القضايا. ودعا راج إلى ضرورة وجود مستشارين تجاريين وقانونيين في شؤون التجارة العالمية؛ ليتولوا الدفاع عن المملكة في قضايا الإغراق والدعم. وحول قضية التنمية المستدامة قال البروفيسور راج إن المملكة كان لديها تعريف أكثر شمولاً لمفهوم التنمية المستدامة، يتعدي البيئة، ويشمل إزالة الفقر وتحسين التقنية والتنمية المالية وتحسين الصحة. مضيفاً بأن المملكة تسعى للتنمية المستدامة مع التزامها باتفاقية التجارة العالمية والقانون الدولي.
من جانبه، استعرض الدكتور سعود العماري رئيس جمعية خريجي جامعة هارفارد الجهود التي قامت بها الجمعية منذ إنشائها قبل 30 عاماً لخدمة المجتمع السعودي ومجتمع هارفارد وتوثيق الصلات والروابط بين المجتمعين، مؤكداً أن الجمعية نجحت في دعم عدد من كليات جامعة هارفارد وإنشاء كراسي بحثية، معلناً استمرار الجمعية في زيادة دعمها لهذا الصرح العلمي المرموق.
فيما قدم شكره لخريجي هارفارد لتفاعلهم مع أنشطة الجمعية، خاصة أن معظمهم يشغلون مناصب مرموقة في القطاعين العام والخاص. كما شكر مجلس الغرف السعودية لاستضافته هذه الفعالية المهمة.