جاسر عبد العزيز الجاسر
انسياق تركيا وباكستان وسلطنة عمان وراء المناورات السياسية التي تلعبها إيران وهدفها تفكيك التضامن العربي، هل هو معاكسة لتضامن العرب، أم أن وراءه أسباب مختلفة كما يشرح المراقبون، إذ يعتبرون جري تركيا وراء لهاث إيران لتطويل الأزمة في اليمن، وعدم معالجتها تماماً مثلما تسعى عاصفة الحزم، هو انتهازية تركية للحصول على مكاسب اقتصادية لم يخفها أردوغان عند زيارته الأخيرة لإيران يطلب سعراً تفضيلياً للغاز الإيراني المرسل إلى تركيا.
أما باكستان فهي تجمع بين المصالح الاقتصادية والأمنية، إذ إن الباكستانيين يحاولون أن يكسبوا من الجانبين من الجانب العربي، ومن الإيرانيين معاً في هذه الأزمة، وترددهم من الوقوف مع الجانب العربي الذي أكثر سخاءً للباكستان مرده تخوّفهم من المؤامرات والتدخلات الإيرانية في الشأن الباكستاني وتحريك الخلايا النائمة المنتمية لتيار الولي الفقيه من الشيعة الباكستانيين.
ويظل موقف سلطنة عمان التي تضع رجلاً داخل مجلس التعاون ورجلاً خارجه، وهو أسلوب ونهج عُماني يتكرر في كل الأزمات والمواقف التي تتطلب حزماً لا يعرفه العمانيون الذين يعشقون اللون الرمادي.
أما باقي الدول، ولنبدأ بالدول العربية، فبالإضافة إلى الدول العشر المشاركة في عاصفة الحزم هناك دول عربية مؤيِّدة لعاصفة الحزم إلا أن ظروفها الأمنية لا تساعدها على إرسال قوات للمشاركة في عمليات العاصفة، مثل الصومال وتونس، وجزر القمر، وجيبوتي التي تعد دولة مشاركة كونها وضعت موانئها تحت تصرف دول التحالف ويستعمل ميناؤها الكبير في استقبال اللاجئين من اليمن، كما وضعت مطارها تحت تصرف قوات التحالف لإرسال مواد الإغاثة إلى مدن اليمن.
طبعاً لبنان تتخفى خلف مقولة النأي بالنفس، وهي وإن كانت مقولة غير مقبولة في القضايا التي لا تقبل النأي، فهي قضية تهم أمة بأسرها، ونأي اللبنانيين عنها معناه نأيهم عن أمتهم العربية حتى يستمتعوا بالحضن الدافئ للفرس الذين يحمل رايتهم الملا حسن نصر الله، إذ إن نأي اللبنانيين عن القضايا العربية وعدم اتخاذهم الموقف المنتظر من قطر عربي، يعد انحيازاً لعدو الأمة العربية، فنأي لبنان لم يمنع الملا حسن نصر الله من إرسال مقاتلين لبنانيين إلى سوريا والعراق وحتى اليمن لقتل العرب السوريين والعراقيين واليمنيين.
نأي لبنان لم يلجم الملا حسن نصر الله ويوقف بذاءاته وشتائمه ضد المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربية وجميع الدول المشاركة في عاصفة الحزم من خلال تنظيمه ثلاثة لقاءات لأنصار حزبه خصصت جميعها للشتم وترديد البذاءات ضد الدول العربية، ولقاء تلفزيوني مع تلفزيون سوري نقله مباشرة معه التلفزيون اللبناني الرسمي، وهو يضع لبنان جميعاً تحت طائلة المساءلة القانونية، إذ إن شتم الدول وقادتها ومن خلال جهاز إعلامي رسمي يضع الحكومة اللبنانية جميعاً تحت طائلة المطالبة بمحاكمة وزير الإعلام ومدير التلفزيون الرسمي، إضافة إلى المطالبة بمحاكمة الملا حسن نصر الله الناطق باسم عملاء إيران في الأقطار العربية.