في عرض تلفزيوني بديع، كما يتميز الأمريكيون دوما، ألقى الرئيس باراك أوباما خطاب حالة الاتحاد أمام الكونجرس قبل أيام، ولا يمكن لمن يتابع أوباما يتحدث إلا أن يطرب، خصوصا إذا تزامن حديثه مع استعراض كل فنون المشاهد التلفزيونية الاستعراضية، ففي خطابات الاتحاد التي يلقيها الرؤساء الأمريكيون تتم دعوة أفراد وجماعات للحضور، ويتم الحديث عن إنجازاتهم، أو عما سيقومون بإنجازه في المستقبل، وكل هذا يخدم الرئيس وبرنامجه، إذ يتحدث في هذه المناسبة عما أنجزه، وعن خطته المستقبلية، وقد كان الجمهوريون يأملون في أن يكون أوباما في حال سيئة عند إلقائه الخطاب، ليتزامن ذلك مع سيطرتهم على الكونجرس بشقيه، النواب والشيوخ، ولكن هذا لم يحدث، فقد كان أوباما مزهوا بإنجازاته الاقتصادية، والتي تحدث عنها طويلا، وهو محق في ذلك، فقد نجحت إدارته في كثير من الملفات الاقتصادية خلال الفترة الماضية.
ومع ذلك فلا أعتقد أن السنتين المتبقيتين من فترة رئاسة أوباما ستمر بتلك السهولة، فسجله في السياسة الخارجية خلال الفترة الماضية لا يوحي بالنجاح، فمن فشل إدارته في التعامل مع ما سمي بالربيع العربي، إلى تأزم الوضع في سوريا، وتردد أوباما حيال ذلك، وظهور تنظيم داعش الإرهابي، وتمدده في العراق، وهو الأمر الذي حصل بسبب استعجال أوباما في سحب القوات الأمريكية من العراق، حسب خصومه الجمهوريون، ثم هناك ملف إيران، وهو الملف الذي تم التعامل معه بنعومة، وخنوع من قبل الشيطان الأكبر، وكل هذه الأمور مجتمعة ساهمت في فقدان أمريكا لهيبتها الدولية، وهذا ليس بالأمر الهين على الجمهوريين، ولا على الشعب الأمريكي الذي يعتز بانتمائه لأعظم إمبراطورية عرفها التاريخ، ولكن مهلا، فهل حقا فشل أوباما في سياساته الخارجية ؟!.
قد يبدو للمتابع غير المطلع على ما يدور خلف الأبواب المغلقة أن أوباما فشل، ولكن هناك من يرى أنه نجح، فهل حقا كان يراد لثورات ربيع العرب أن تنجح؟!، وهل كانوا يريدون إسقاط بشار الأسد، ونشر الديمقراطية؟!، وهل إيران حقا عدوة للشيطان الأكبر؟!، وهل كان نجم تلفزيون الواقع، أحمدي نجاد يرغب في تدمير إسرائيل ؟!، وهل يرغب العالم الحر في القضاء على تنظيم داعش، أو ما يسمونه بالدولة الإسلامية ؟!، فالإعلام الغربي هو الذي شرعن هذا التنظيم بإطلاق اسم الدولة عليه!!، وهل كانت الإدارة الأمريكية تريد من وراء دعمها لتنظيم الإخوان المسلمين تمكينه من الحكم، أو كشف حقيقته للشعوب المسلمة المحافظة بطبعها؟!، وأعتقد أن الجواب على هذه الأسئلة سيكون هو «الحكم العدل» على فشل أوباما أو نجاحه، لأن العبرة ليست فيما يقوله «المحللون السياسيون» شرقا وغربا، بل فيما يريده «المخططون الإستراتيجيون»، أليس كذلك؟!.