فقد الوطنُ والأمةُ العربية والإسلامية خادمَ الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - طيّب الله ثراه - بعد مسيرة طويلة حافلة بالإنجازات. ولا تُقاس إنجازات الراحل الكبير تغمده الله برحمته، بما حققه خلال فترة توليه الحكم في المملكة العربية السعودية، وإنما من خلال عطاءاته الكبيرة والكثيرة منذ يفاعته وتقلده العديد من المواقع، ومن خلال علاقاته الشخصية الواسعة مع زعماء وقادة العالم.
وفي لحظة الحزن العظيم الذي يخيم على البلاد برحيل قائدها يفتقد المواطنون، هذا القائد الذي كان قريباً من قلوب الناس والذي تميزت شخصيته بالبساطة والتلقائية والصدق، مما جعله محبوباً من الجميع. كان كل مواطن يشعر أن عبد الله بن عبد العزيز ليس ملكاً للبلاد فقط، ولكنه أيضاً كان مواطناً مثله وصديقاً له وقريباً منه، يعيش همومه وينشغل بها ويُسَخِّر كل وقته لإسعاده وتحقيق أمانيه وتطلعاته.
وفي هذه اللحظة الحزينة يستذكر المواطنون أيضاً ما صنعه وحققه لهم الملك عبد الله بن عبد العزيز - رحمه الله - من المشاريع الكبيرة والمبادرات التاريخية التي ميَّزت مسيرته وفترة حكمه، فقد حقق الوطن في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز قفزات كبرى يلمسها المواطن في جميع القطاعات. وما من قطاع من القطاعات أو منطقة من مناطق المملكة إلاَّ وشهدت تطورات جذرية نحو الأحسن والأرقى.
لن يكون من الممكن حصر وتعداد إنجازات عبد الله بن عبد العزيز للوطن في عجالة، فما حققه في مجالات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية وقطاع الطرق والنقل والبُنية الأساسية ومختلف قطاعات وأنشطة الاقتصاد الوطني أكثر من أن يحصى. فكل ما نراه حولنا هو شاهد على إنجازات الراحل الكبير.
وعلى سبيل المثال فإن ما تحقق للمرأة السعودية في عهده من تقدم وقفزات كبيرة، يدخل في عِداد المبادرات والإنجازات التاريخية الكبرى. فقد دخلت المرأة مجلس الشورى وأصبحت عضواً يمارس المسؤولية الوطنية، وتسنمت المناصب العليا في الدولة، وارتفعت نسبة مشاركتها على الصعيد الاجتماعي، وفي المشاركات الدولية، وحصتها في التعليم، وفي جميع المجالات.
كما أن برنامجه للابتعاث كان نقلة نوعية في مجال التعليم والتغيير الاجتماعي. فقد أتاح لمئات الألوف من المواطنين والمواطنات فرصة الدراسة في أرقى الجامعات في العالم ومُعايشة المجتمعات المتقدمة للاستفادة من تجاربها في التطور والتنمية. وسوف يحصد الوطن ثمار برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث لفترات طويلة قادمة، من خلال الأثر التراكمي الحضاري والاجتماعي الذي يتحقق على أيدي المبتعثين والمبتعثات بعد العودة إلى الوطن.
إنجازات عظيمة وكثيرة صنعها عبد الله بن عبد العزيز لوطنه ولأمته وللإنسانية، سوف يسجلها التاريخ بمداد من ذهب يتذكرها الجميع في هذه اللحظات الحزينة التي يفتقد فيها الوطن عبد الله بن عبد العزيز كإنسان وكقائد. رحم الله عبد الله بن عبد العزيز وأسكنه فسيح جناته، وأعان خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز على مواصلة الدرب فهو خير خلف لخير سلف، وحفظ الله وطننا العزيز من كل مكروه.