ارتبط اسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله ابن عبدالعزيز- يحفظه الله - بالتنمية، والإصلاح، والتواصل مع الآخر، وكان من ثمرة ذلك تأسيس مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، ومركز الملك عبدالله ابن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وقد كان هذا هو الباعث الرئيس على موافقته - حفظه الله - في الثالث عشر من صفر 1428هـ، الموافق 3 مارس 2007م، على إنشاء جائزة عالمية تحمل اسم «جائزة خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة»، وذلك انطلاقاً من رؤيته في الدعوة لمد جسور التواصل الثقافي بين الشعوب، وتفعيل آليات الاتصال المعرفي بين أتباع الثقافات بما يحقق خير وسعادة الإنسانية، وعنواناً مهماً في مجال التقارب المعرفي والحضاري بين دول العالم.
هذه الجائزة العالمية، والتي تسير بخطى ثابتة، جنبا إلى جنب مع الجوائز العالمية المرموقة، تشرف على كل أعمالها مكتبة الملك عبد العزيز العامة، والتي يشرف عليها معالي الأستاذ فيصل بن معمر، وذلك من خلال مجلس أمناء يترأسه نجل خادم الحرمين الشريفين، الأمير عبدالعزيز بن عبد الله بن عبد العزيز، وعضوية نخبة من الأكاديميين والمفكرين والباحثين من المهتمين بالترجمة، وقد شكل مجلس الأمناء أمانة عامة للجائزة، يتولاها الدكتور سعيد ابن فايز السعيد، عميد معهد الملك عبدالله للبحوث والدراسات الإستشارية بجامعة الملك سعود، والباحث المعروف، وتتولى هذه الأمانة كافة الإجراءات التنفيذية الخاصة بالترشيح لنيل شرف الفوز بالجائزة، وأعمال لجان التحكيم، وغيرها من الإجراءات التنظيمية، وقد قدمت الجائزة للمكتبة العربية مئات الأعمال العلمية والفكرية المترجمة في كافة فروع المعرفة، وأسهمت بصورة فاعلة في تعريف الآخر بثراء الثقافة العربية الإسلامية وتنوع إسهاماتها في مسيرة تطور الحضارة الإنسانية، وقد فاز بالجائزة، خلال أقل من عقد منذ انشائها، تسعين عالما، من مجمل أكثر من ألف عمل بارز ترشح لها، ممثلا لثمان وثلاثين لغة، في أكثر من خمس وأربعين دولة.
هذه الجائزة العالمية المرموقة تهدف إلى تشجيع الترجمة من اللغة العربية وإليها في مختلف مجالات العلوم الإنسانية والطبيعية، وإثراء حركة تبادل الأفكار والمعارف والخبرات، والإسهام في نقل المعرفة من اللغات المختلفة إلى اللغة العربية، وتشجيع الترجمة في مجال العلوم من اللغة العربية وإليها، وإثراء المكتبة العربية بالأعمال المترجمة المميزة التي تلبي احتياجات الباحثين وطلاب العلم في مجال العلوم الحديثة، وتكريم الأفراد والمؤسسات والهيئات التي أسهمت بجهود بارزة في نقل وترجمة الأعمال العلمية من اللغة العربية وإليها، والنهوض بمستوى الترجمة وفق أسس مبنية على الأصالة والقيمة العلمية وجودة النص واحترام حقوق الملكية الفكرية، وقد تم تحديد ستة فروع للتنافس عليها، وتشمل جائزة لجهود المؤسسات والهيئات، وثانية لترجمة العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى، وثالثة لترجمة العلوم الإنسانية من جميع اللغات إلى اللغة العربية، ورابعة لترجمة العلوم الطبيعية إلى اللغة العربية، وخامسة في ترجمة العلوم الطبيعية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى، وسادسة لجهود الأفراد.
ثمة أمور تؤكد عالمية الجائزة وريادتها، أولها ارتباطها بشخصية عالمية كبيرة، ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وثانيها، حجم الإقبال الكبير عليها من قبل المؤسسات العلمية والثقافية المعنية بالترجمة في جميع أنحاء العالم، وثالثها ارتفاع قيمة الجوائز المالية للجائزة والتي تبلغ 750 ألف ريال لكل فائز، وأخيرا أن هذه الجائزة طافت أرجاء المعمورة، فقد تم تسليم جوائزها، خلال الدورات الماضية، في الدار البيضاء، وباريس، وبكين، وبرلين، وساوبالو، وستوزع جوائزها هذا اليوم في جنيف.
قبل أيام، صرح الأمين العام للجائزة، الدكتور سعيد فايز السعيد قائلا: «إن جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة استطاعت في سنوات قليلة، مقارنة بغيرها من الجوائز الأخرى، أن تعزز مكانتها الفريدة في صدارة جوائز الترجمة على كافة المستويات الإقليمية والدولية بتوفيق من الله- ثم رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لها، إلى جانب رقي معايير تحكيمها من حيث جودة النص وحسن اختيار الأعمال المترجمة والدقة والأمانة العلمية واحترام حقوق الملكية الفكرية، بما يتناسب مع الأهداف النبيلة للجائزة ورسالتها العلمية من أجل حوار بناء وتواصل معرفي فاعل بين الثقافات العالمية ونقل للمعرفة الأصيلة بين اللغات المختلفة»، ولعلنا جميعا نتفق مع أمين عام الجائزة، ونشكره هو وزملائه القائمين عليها، ونبارك للفائزين بها لهذا العام، والذين سيتسلمون جوائزهم هذا اليوم، في العاصمة السويسرية جنيف!.