الجزيرة - سالم اليامي:
أكد لـ«الجزيرة» ممثلون لقطاعات التمويل العقاري في البنوك السعودية أن خيار بعض عملاء البنوك باللجوء إلى القرض الاستهلاكي لتغطية نسبة الـ30 في المائة من القيمة الإجمالية للعقار المطلوبة كشرط للحصول على التمويل العقاري سيظل محدودا في ظل الأسعار الحالية للعقارات، مستدركين بأن هذا يندرج على الشريحة الأوسع من ذوي الدخل المتوسط أو من دخلهم الشهري أقل من 10 آلاف ريال، استنادا إلى نسبة الاستقطاعات المحددة مسبقا بناء على متوسط الدخل.
كما أشاروا إلى أن لائحة النظام الجديد للتمويل العقاري التي بدأ تطبيقها في الـ9 من شهر نوفمبر الماضي، جاءت لتؤطر التنظيمات السابقة للقطاع وتضعها ضمن منظومة الإجراءات المتكاملة التي تدعم استراتيجية الدولة في حل أزمة الإسكان في المملكة، وقال ممثلو البنوك في حديثهم خلال ندوة استضافتها «الجزيرة» وتناولت أبرز ملامح النظام الجديد والمسائل المرتبطة به، إن البنوك حتى قبل صدور هذه اللائحة لم تكن تمارس نشاط التمويل العقاري في غياب نظام مراقبة، وإنما كان يتوجب على كل بنك عندما يمنح التمويل العقاري أو المنتج أن يأخذ موافقة مؤسسة النقد العربي السعودي، في ظل عدم وجود تنظيم محدد، مستدركين في الوقت نفسه بأن تحديد مؤسسة النقد لسقف التمويل العقاري بنسبة 70 في المائة جاء بناء على دراسات متعمقة لأفضل الممارسات العالمية وأنجحها في هذا المجال، لافتين في الوقت نفسه إلى أن هذه النسبة ليست ثابتة وقد يعاد النظر فيها وفقا لمتطلبات السوق العقاري. وأكد ممثلو قطاعات التمويل العقاري في البنوك السعودية أن قطاع التمويل العقاري قطاع مربح للبنوك لا سيما وأن السوق ينمو بنسبة تصل إلى 150 في المائة كل 5 سنوات، كما أبدوا ثقتهم بمستقبل السوق العقاري بالمملكة باعتباره سوقا ناشئا وواعدا، لافتين في الوقت نفسه إلى تدني نسبة المخاطرة في التمويل التي قد لا تتعدى 1.5 في المائة، كون التمويل يتم على أصل بعينه وذا قيمة استثمارية عالية.
المواءمة مع المعايير العالمية
في البداية رحب الزميل فهد بن عبدالله العجلان نائب رئيس التحرير بممثلي التمويل العقاري في بعض البنوك وأمين عام لجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية، متسائلا عن دور البنوك في التمويل العقاري وفق الأنظمة والقوانين التي تضعها مؤسسة النقد العربي السعودي لهذا النشاط، لاسيما في المرحلة الحالية وصولا إلى المراحل المستقبلية.
وأشار الزميل العجلان إلى بعض الأرقام المثيرة في قطاع التمويل العقاري التي تتضمن تضاربا في دقتها، ما قد يكون ناتجا عن عدم وضوح في الرؤية.
وتحدث طلعت حافظ أمين عام لجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية، مقدما الشكر بالنيابة عن منسوبي البنوك لصحيفة «الجزيرة» على استضافة هذا اللقاء المهم، المتزامن مع بدء تطبيق النظام الجديد للتمويل العقاري ولائحته التنفيذية الجديدة، وقال: «لعلي أعرج على سؤال يدور في خلد البعض وهو: لماذا صدر هذا النظام في هذا الوقت بالتحديد وهذه اللائحة، ولماذا لم تصدر منذ وقت بعيد؟، مبينا أنه بالنظر إلى السوق العقاري وما يجري فيه من تطورات وإرهاصات ونمو كبير، وبالذات في الطلب المتواتر والمتزايد عاما بعد آخر على الوحدات السكنية، استلزم الأمر وضع تنظيم محدد ولائحة تنفيذية معينة لمواكبة التطور في هذا السوق العقاري وتحديدا آليات التمويل العقاري، إلى جانب المواءمة مع المعايير والإجراءات العالمية المعروفة في هذا القطاع، فضلا عن تحقيق معدلات عالية من العدالة والشفافية في هذا المجال بحيث تتم المحافظة على حقوق المقترضين والمستفيدين من التمويل العقاري، والمحافظة على حقوق البنوك في ذات السياق.
وعاد الزميل فهد العجلان ليسأل: هل كان في النظام السابق أوجه قصور تفضي إلى التعثر أو سوء تقدير من البنوك في منح القروض أو المنتجات أو الوحدات السكنية، استدعى الخروج بنظام جديد للتمويل العقاري ولائحة تنفيذية جديدة؟
أجاب طلعت حافظ: لم يكن هناك في السابق نظام أو لائحة تنفيذية كما هو الحال اليوم، وهذا لا يعني أنه كان هناك فوضى، أو أن البنوك كانت تمارس نشاط التمويل العقاري في غياب نظام مراقبة، وإنما كان يتوجب على كل بنك عندما يمنح التمويل العقاري أو المنتج أن يأخذ موافقة مؤسسة النقد العربي السعودي، وهذه موافقة ضمنية، في ظل عدم وجود تنظيم محدد، في المقابل فإن هذا النظام الجديد لا يختص بالبنوك وحدها، وإنما هو لجميع جهات التمويل من شركات ونحوها. مضيفا: أنه تم استثناء البنوك من الفقرة الخامسة من المادة العاشرة من نظام مراقبة البنوك لتدخل في نظام التمويل العقاري عبر تملك المساكن بغرض إعادة بيعها وليس للاستثمار فحسب، وبالتالي فإن عددا من البنوك حصل على التراخيص لنشاط التمويل العقاري، مدللا على ذلك بأنه بالنظر إلى ما كان عليه قطاع التمويل العقاري عام 2009 م (نجد أنه لم يكن يتجاوز 28 مليار ريال، مقابل 76 مليار ريال في الربع الأول من العام الجاري 2014م). وتطرق حافظ إلى نسبة التعثر، مبينا أن البعض قد يرى أن الأمر يتطلب وضع نظام ولائحة لكبح جماح التمويل العقاري «غير المنظم»، لافتا إلى أن هذه الرؤية غير صحيحة، لأن نسبة التعثر الآن مرتبطة بمحفظة التمويل العقاري للبنوك وهي بين 1 و1.5 في المائة وهذه نسبة معقولة جدا، فكما هو معروف أن نسبة الخطورة متدنية جدا، كون التمويل يتم على أصل معين، وفقا لأوجه عدة، إما بشكل تقديري مراوح أو بشكل الإيجار المنتهي بالتملك.
وأوضح حافظ أن صدور النظام الجديد للتمويل العقاري الآن لا يعني أنه كان هناك إخفاق أو فوضى في السابق، وإنما تطلب الوضع مواكبة النقلة النوعية والتقدم الكبير في تنامي الطلب على الوحدات السكنية الذي تجاوز 1.250 مليون وحدة سكنية وفقا للخطة التاسعة.
في حين تشير بعض الدراسات إلى أن حجم الطلب على الوحدات السكنية سيصل إلى 4 ملايين وحدة سكنية في الأعوام المقبلة، وكان لزاما على مؤسسة النقد أن تأتي بهذا النظام الجديد ولائحته التنفيذية.
نضوج احتياجات السوق العقاري
من جهته، تساءل المختص العقاري ناصر البراك: عن توقيت صدور النظام ولائحته التنفيذية، خصوصا أن البيانات التي كانت تنشرها مؤسسة النقد العربي السعودي قبل الربع الأول من عام 2012 كانت تشير إلى أن حجم التمويل العقاري في المملكة 38 مليار ريال، بينما صدر تقرير للبنك الأهلي التجاري يشير إلى أن حجم التمويل العقاري سيصل إلى 45 مليار ريال في نهاية 2014م، إلا أن المفاجأة أن بيانات مؤسسة النقد في الربع الأول من عام 2014 أشارت إلى أن حجم التمويل العقاري وصل إلى 143 مليار ريال، منها نحو 85 مليار ريال للأفراد، فهل التوقيت الحالي لهذا النظام مرتبط برؤية البنوك بأن القطاع مربح، وبالتالي توسعت فيه دونما حساب للمخاطر، خصوصا أن البنوك لم تكن تفرض نسبة الـ30 في المائة كمقدم شرطي للحصول على التمويل، الأمر الذي يعكس توجه مؤسسة النقد إلى كبح جماح عملية التمويل وتقنينها.
أجاب طلعت حافظ: بحسب علمي فإن النظام ولائحته التنفيذية لم يصدر إلا حديثا، وقد وضع على موقع مؤسسة النقد العربي السعودي لأخذ الآراء حوله لمدة 90 يوما، إلى أن اعتمد مؤخرا، أما التطبيق الفعلي للنظام فقد حدد بيوم 9 نوفمبر، أما لماذا تضخمت الأرقام ومدى دقتها؟، فأعتقد أنها أرقام دقيقة جدا، ولكن ما حدث هو ربما إعادة تصنيف في التمويل لدى البنوك، وحديثا تم تصنيف التمويل الاستهلاكي بحيث يكون في محفظة منفصلة لوحدها، فيما تم تصنيف التمويل العقاري في محفظة أخرى لوحدها، ويندرج تحت التمويل الاستهلاكي ما يعرف بـ»ترميم المنازل»، أي أنه لا يدخل ضمن حجم سوق التمويل العقاري المقدرة بـ76 مليار ريال.
وفيما يتعلق بكون القطاع مربحا بالنسبة للبنوك أم لا، فهو مربح بكل تأكيد، وكما أسلفت فإن نسبة النمو تصل إلى 150 في المائة كل 5 سنوات بمعدل 30 في المائة متوسط النمو في كل عام.
وأضاف حافظ: بالنسبة لآلية عمل البنوك في التمويل والنسب التي تمول بموجبها، كانت تختلف من بنك لآخر لعدم وجود نظام واضح ولائحة تنفيذية، الآن لا يمكن لأي جهة تمويل سواء كانت البنوك أو غيرها أن تتجاوز 70 في المائة من قيمة التمويل للمسكن.
وتحدث همام هاشم من مصرف الإنماء فقال: الطلب على التمويل العقاري ارتفع خلال الفترة الماضية، نتيجة معرفة العملاء بقرب فرض 30 في المائة من قيمة العقار كمقدم شرطي للحصول على التمويل العقاري، ما دفعهم إلى الاستعجال بالحصول على التمويل قبل بدء التطبيق الفعلي للنظام. وأضاف: كما هو معلوم فإن نسبة السكان ذوي الأعمار الصغيرة يمثلون نحو 60 في المائة من سكان المملكة، وهذا يدفع إلى سرعة الحصول على التمويل العقاري بنسبة أكبر من النسب العادية في دول أخرى قد تكون أقل في نسبة السكان ذوي الأعمار الصغيرة.
وأشار هاشم إلى أنه في الوقت نفسه فإن البنوك في هذه المرحلة وجدت أن هناك فرصا تمويلية جيدة لعملائها، استنادا إلى عملية النضوج في احتياجات السوق، وهذا سرع من آلية التمويل، كما لا يخفى دور الإجراءات التنظيمية الحالية التي ساعدت البنوك على اتخاذ القرارات الائتمانية الصحيحة، ومنها على سبيل المثال وجود الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية «سمه» التي توفر بدورها معلومات تساعد على تحديد المقدرة المالية للعملاء، إضافة إلى وجود وفرة العرض من شركات التطوير العقاري، التي توفر المنتجات أمام العملاء، ما ساعد أيضا على تطوير محفظة التمويل العقاري في المملكة بشكل عام.
ولفت هاشم إلى أن المحفظة العقارية يقابلها أصول ثابتة، تمنحها نوعا من الرسوخ والادخار الحقيقي، الأمر الذي يحفز بطبيعته المستفيدين على طلب التمويل العقاري كنوع من الاستثمار المستقبلي.
التمويل العقاري ما زال في بدايته
وعاد المختص العقاري ناصر البراك ليسأل: ألا ترون أنه من الصعوبة بمكان على طالب التمويل العقاري تأمين نسبة الـ30 في المائة من قيمة العقار، الذي يصل متوسط معدلاته للفلل إلى 1.5 مليون ريال وللشقق 500 ألف ريال، ألا يمثل توفيرها معضلة حقيقية لطالب التمويل العقاري؟ في المقابل هل يحد مثل هذا الشرط من حجم النمو في قطاع التمويل العقاري، لأنه كما يبدو أننا أمام قرار متناقض النتائج، يحمي الممول وطالب التمويل العقاري، بينما يعرقل حل أزمة الإسكان في الوقت ذاته؟
أجاب طلعت حافظ: ندرك تماما أن هناك امتعاضا مجتمعيا مرده: لماذا وضعت مؤسسة النقد العربي السعودي حدا أعلى للتمويل العقاري بـ70 في المائة، ولعلي أؤكد هنا أن مؤسسة النقد لم تضع أو تحدد هذه النسبة، إلا بعد دراسة وتمحيص لما يعرف بـ»أفضل الممارسات المعمول بها عالميا»، وبالتالي فهي حاكت الأنظمة العالمية، ووجدت أن أغلب التجارب الدولية الناجحة في هذا المجال كانت تتبع نسبة الـ70 في المائة أو القريبة منها.
وأضاف الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية: إنه ربما يكون هناك سبب آخر لتحديد نسبة التمويل العقاري بـ70 في المائة، يتمثل في تشجيع الادخار، بناء على الرؤية العميقة للمسكن باعتباره استثمارا للمستقبل وله عدة منافع، وبالتالي فإن هذا الدافع يساعد الأفراد على توفير المدخرات المساندة لتحقيق هذا الحلم بجانب حصولهم على التمويل العقاري.
وعاد طلعت حافظ ليؤكد: إن موضوع التمويل العقاري ما زال في بدايته وقد ذكر في صلب النظام ولائحته التنفيذية أن هذه النسبة قد يعاد النظر فيها وليست نسبة ثابتة»، مبينا أنه من المجدي في سوق ناشئ كسوق التمويل العقاري أن تكون البداية تدريجية ومدروسة حتى تتطور في المستقبل.
وأشار طلعت حافظ إلى أن مؤسسة النقد أخذت في الاعتبار مشكلة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية التي بدأت مؤشراتها عام 2000م، نتيجة التوسع غير المدروس في التمويل العقاري وصولا إلى الأزمة الفعلية عام 2008م، مبينا أن البعض قد يقول إن هذا النظام لا يمكن تطبيقه إلا على فئة ذوي الدخل فوق المتوسط أي ما بين (10 و15 ألف ريال)، متسائلا: ماذا عن الفئة التي هي دون ذلك؟، مستدركا بأن النظام لا يفرق بين هذه الفئة أو تلك بل يشمل الجميع، وشدد حافظ على أنه لا يجب التعويل على النظام ولائحته كحل وحيد لمشكلة الإسكان في المملكة، ولكنه جزء مساعد في الحل بجانب الإجراءات الأخرى التي اتخذتها الدولة في هذا الإطار، ومنها: تحويل هيئة الإسكان إلى وزارة للإسكان، تخصيص 250 مليار ريال لبناء 500 ألف وحدة سكنية، زيادة قرض صندوق التنمية العقاري من 300 إلى 500 ألف ريال، إضافة إلى توقيع البنوك السعودية كافة على اتفاقيات «التمويل الإضافي» مع صندوق التنمية العقاري.
وقال حافظ: إنه من السابق لأوانه الحكم على نجاح هذا النظام أو فشله لا سيما وأن تطبيقه سيكون في الـ9 من نوفمبر من العام الحالي، وبالتالي يجب أن يأخذ النظام فترة للتجربة وصولا إلى الحكم النهائي.
بدوره تحدث محمد الضبيب من البنك السعودي الفرنسي متناولا المحاور التي ستؤثر فيها اللائحة الجديدة لنظام التمويل العقاري فقال: الأطراف الرئيسية تتمثل في السوق العقاري، المواطن، البنوك السعودية، ومؤسسة النقد، ومع ارتفاع الطلب على المساكن هناك عجز كبير في عددها، ما يعني أن المواطنين سيتجهون للبحث عن أية حلول تمويلية في سبيل الحصول على المسكن، وبالتالي فإن مؤسسة النقد تحمي القطاع المالي في المملكة، إلى جانب مدخرات المواطن، فالتمويل بنسبة 70 في المائة من قيمة المسكن يجنب مقدمي التمويل من البنوك وشركات التمويل أي مخاطر مستقبلية قد تنجم عن انخفاض السوق العقاري، في المقابل نجد أن هذه النسبة تساعد الكثير من المواطنين أو طالبي التمويل على ترتيب أوضاعهم المالية ومن ثم تأمين مدخرات تسهم في تخفيض الضغط المالي على مداخيلهم المالية مستقبلا، ليتمكنوا من مواكبة متطلباتهم المعيشية والحياتية بسلاسة ويسر، وفي الوقت نفسه عدم التعثر في سداد مبلغ التمويل.
المصرفية الإسلامية وسوق الأسهم
فيما تحدث عبدالعزيز النخلي مدير التمويل العقاري في بنك الرياض قائلا: في مرحلة الثمانينيات لم يكن هناك ما يعرف اليوم بـ»المصرفية الإسلامية»، وبالتالي لم يكن لدى المواطنين توجه للحصول على التمويل لمنتجات تقليدية، وهذا أسهم في الحد من حجم قطاع تمويل الأفراد في ذلك الوقت.
وأضاف النخلي: الدولة أنشأت صندوق التنمية العقاري لدعم القطاع الإسكاني، حتى بدأت المصرفية الإسلامية في مطلع عام 2002م، التي رافقها ارتفاع هائل في وتيرة التمويل الشخصي بين عامي 2003 و2006م، وبعد أزمة سوق الأسهم، اتجه غالبية الناس إلى العقار كاستثمار وتملك الأمر الذي أدى إلى ازدهار التمويل العقاري في هذه الفترة بناء على توجه الناس للحصول على التمويل العقاري المتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وفي الوقت ذاته لم تكن جميع البنوك الـ12 العاملة في المملكة قد دخلت في نشاط التمويل العقاري في العام 2006، وعلى مدى السنوات السبع الماضية، وصولا إلى العام الحالي 2014م باتت جميع البنوك السعودية ممارسة لنشاط التمويل العقاري.
وأردف النخلي: إن قطاع التطوير العقاري لم ينمُ إلا مع نمو السوق، فعندما برز التمويل العقاري، بدأت تظهر شركات التطوير والصناديق العقارية، كما أن الدولة من جهتها كان لها تفاعل إيجابي مستمر، إذ إن تبني مؤسسة النقد لنظام التمويل العقاري كان بمثابة خطوة استباقية قبل أن تحدث أزمة الإسكان، وهذا أمر جيد. مبينا أن مؤسسة النقد أصدرت لائحة النظام بتاريخ 24 فبراير ومنحت للممولين العقاريين مهلة للتوافق مع هذا النظام حتى التطبيق الفعلي للنظام في تاريخ 9 نوفمبر الماضي، مؤكدا في الوقت نفسه ما لهذا النظام الجديد من منافع اقتصادية للممولين وطالبي التمويل على حد سواء، وعلى رأسها الدفعة المقدمة بنسبة 30 في المائة، كضمان مبدئي ومؤشر على قدرة العميل على الوفاء باستحقاقات التمويل مستقبلا.
وعلق طلعت حافظ: متفائلون كقطاعات بنكية بمستقبل السوق العقاري بالمملكة، وتطبيق النظام الجديد للتمويل العقاري يعزز هذا الشعور لدينا، أما فيما يتصل بالفترة التي منحها المشرع لنظام التمويل العقاري الجديد إلى حين تطبيقه في الـ9 من نوفمبر الماضي التي امتدت إلى سنتين، فقد كانت مرتبطة بمواءمة البنوك وجهات التمويل الأخرى لأنظمتها التقنية وعقودها ورؤوس أموالها إلى جانب متطلبات الحوكمة مع هذا النظام الجديد، وكما هو معروف فقد انتهت المدة الممنوحة للبنوك بتاريخ 8 نوفمبر الماضي، ومن لم يتواءم مع النظام الجديد بعد هذا التاريخ فلا يمكنه ممارسة النشاط، وهناك آلية لخروجه من السوق بحيث لا يؤثر ذلك على حقوق من تعامل معهم في الوضع السابق.
الحملة الإعلانية للبنوك
وعاد المختص العقاري ناصر البراك متسائلا: عند الحديث عن التمويل العقاري وصدور اللائحة المنظمة من قبل مؤسسة النقد، فإنه بلا شك أن الخلل الذي كان موجودا في السوق العقاري سابقا هو خلل مرتبط بالجهات الحكومية المشرعة، في المقابل نجد أن التوسع في التطوير والتثمين العقاري أعطى إيحاء بوجود نمو في الطلب داخل السوق، الأمر الذي يعكس أننا كنا أمام مشكلة وتم إيجاد حل لهذا المشكلة، مستدركا بأن دخول البنوك السعودية في هذا القطاع نظم سوق التمويل العقاري بشكل كبير. وأضاف: ما أود الإشارة إليه أن البنوك السعودية تملك تصورا مستقبليا كافيا لحجم السوق ومؤشراته، بناء على ما لديها من معلومات تتعلق برواتب العملاء ومدخراتهم المالية، ولكن ما لوحظ أن البنوك بدأت منذ فترة بحملات دعائية عنوانها العريض «الحصول على التمويل العقاري والتمويل الشخصي في نفس الوقت»، وبالتالي هذا يعكس وجود فجوة بين رؤية البنوك لمستقبل قطاع التمويل العقاري وبين السلوك الشرائي والاستثماري لعملائها.
وتحدث طلعت حافظ قائلا: لا أعتقد أن البنوك بحملاتها الإعلانية كانت تحتال على النظام أو تستبق مرحلة صدوره، لإشباع محفظتها التمويلية، ودون أدنى شك فإنه لو كان سقف التمويل بنسبة 100 في المائة من قيمة العقار لكان محفزا ومشجعا أكثر لطالبي التمويل، ولكن أيضا لا يجب إغفال عنصر المخاطرة، والاعتبارات التي سبق وأشرت إليها في سياق حديثي والمتمثلة في أفضل الممارسات المطبقة عالميا.
فيما رأى محمد الضبيب أن التمويل العقاري والتمويل الشخصي مرتبطان منذ العام 2008م، وأنه بالنسبة لذوي الدخل المتوسط أو الأقل من 10 آلاف ريال، كانت هناك جوانب أخرى تترتب على تملكهم للمسكن ومنها تكلفة تأثيث هذا المسكن على سبيل المثال، فكان من الممكن للبنوك في حينه أن تقدم لهم التمويل الشخصي، في المقابل فإنه حتى لو قدمت البنوك تمويلا عقاريا وشخصيا في الوقت ذاته للشريحة التي أشرت إليها، فإنها لن تغطي القيمة الإجمالية للعقار في ظل الأسعار الحالية، استنادا إلى نسبة الاستقطاعات المحددة مسبقا بناء على متوسط الدخل، ما يعني أن العميل مضطر لتقديم دفعة مقدمة تراوح ما بين 15 و20 في المائة حتى لو وافقت بعض البنوك على إعطائه تمويلا شخصيا قد لا يمثل سوى 10 في المائة من إجمالي مقدم الـ30 في المائة المطلوبة للحصول على التمويل العقاري.
** ** **
المشاركون في الندوة من جانب البنوك السعودية:
طلعت حافظ
أمين عام لجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية
عبدالعزيز النخلي
نائب رئيس - مدير التمويل العقاري في بنك الرياض
محمد الضبيب
المدير الإقليمي لـ»سكن» - مدير أول في البنك السعودي الفرنسي
همام هاشم
مدير عام إدارة أصول التجزئة في مصرف الإنماء
** ** **
المشاركون في الندوة من جانب صحيفة «الجزيرة»:
فهد العجلان - نائب رئيس التحرير
محمد السلامة - رئيس القسم الاقتصادي
ناصر البراك - كاتب ومختص عقاري
سالم اليامي - محرر