يبقى البعد الاقتصادي والمالي أحد أهم صمامات الأمان في أي دولة، وهذا البعد المهم والمؤثر على السياسات الإقليمية والدولية بدأت أهميته تتزايد وأصبحت القوة الاقتصادية هي المؤثرة على خارطة العالم, وأي ضعف اقتصادي يصيب أي بلد ستنهار معه كل عوامل القوة الأخرى.
والقرار الاقتصادي والمالي دائماً ما يحتاج إلى النأي به عن العواطف، وأن تتسع دائرة أفقه إلى ما هو أبعد بكثير من مجرد أموال تورد وتصرف، ولهذا نجد أن بلادنا - ولله الحمد - عامل استقرار ليس على المستوى الإقليمي فحسب بل على المستوى الدولي، وما انضمامها إلى مجموعة العشرين إلا أحد هذه المؤشرات والدلائل على متانة الاقتصاد وحكمة سياستها المالية والاستثمارية, وحين نستذكر مثل هذه المكامن من عوامل القوة الاقتصادية التي يقودها خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - فيجب أن نستوعب أبعادها التي يجب أن يدركها الجميع، وأن يسعى الاقتصاديون والمختصون إلى بيان معالم هذه القوة وأبعادها المؤثرة وكيفية المحافظة عليها, فالقضية ليست كما يعتقد البعض أن وزارة المالية تريد أن تقتر على الناس وتمسك يدها, وما تواجهه وزارة المالية ووزيرها الدكتور إبراهيم العساف من انتقاد من البعض في هذا الإطار هو انتقاد عاطفي لا يأخذ كل الأبعاد بمنظور شمولي ومستقبلي، لاسيما وأننا نلمس نجاح هذه السياسات المالية والاقتصادية في توفير احتياطيات مهمة وفي الوقت نفسه أنها لم تؤثر أو تقلل من وتيرة التوسع في تنفيذ مشاريع الخطط التنموية التي تعيشها بلادنا، فحتى مع ظروف أسعار النفط الحالية جاءت الميزانية محملة بأرقام كبيرة للإنفاق لتكملة مسيرة الإنجازات.
والواجب الوطني يحتم أن يقدر الجميع هذه السياسات التي تحفظ لبلادنا قوتها الاقتصادية، وما تجاوز المملكة لتأثيرات الأزمة العالمية بأقل الأضرار إلا دليل على نجاح السياسات المالية لدينا. وهنا يجب أن نقول شكراً لكل مسؤول مخلص ولكل جهة عملت وتعمل على تقوية هذا الأساس الاقتصادي لبلادنا، فشكراً وزارة المالية وشكراً مؤسسة النقد، فنحن لا نعيش لليوم فقط بل نعيش للغد، وأبناؤنا ينتظرون ما نخلف لهم، والأخطار المحيطة بالمنطقة تستوجب أن نستوعب المتطلبات والظروف ونقدر ما نعيشه من رخاء وأمان بالشكر لله ثم لقيادتنا الحكيمة ولكل مسؤول مخلص حافظ ويحافظ على المقدرات الوطنية ويبني للمستقبل البعيد الذي قد لا ندركه بكل خلفياته لكننا نثق إنه بناء للوطن وأبنائه.