** يظل عبد الوهاب المسيري رائداً في قضايا تبناها ودافع عنها إن لم نقل نذر حياته لها، والتزم - يوم تخلى الأكثرون - بمواقف علمية ثابتة من الفكر الصهيوني مع وعي جريء دعاه إلى أن يتساءل حول (حقيقة البروتوكولات)، وعلاقة يهود بالحركات الشيوعية العربية، ووصل إلى أن ما يسمى (بروتوكولات حكماء صهيون) كذبة كبرى استندت إلى وثائق روسية هدفت إلى تضخيم إمكانات العدو الأول للأمة سعياً إلى إحباطها.
لا أعتقد أن باحثاً مفكراً مثل عبد الوهاب المسيري يحتاج إلى من يعرف بأعماله أو يشيد بها، فقد حقق الرجل من الشهرة والمكانة والتقدير ما هو جدير به وغني به أيضاً عن المزيد من عبارات المديح أو التوضيح. ما قد يحتاج إليه هو مزيد من الفهم لما يطرحه وهذا إن تحقق من خلال المقالات الشارحة فإن تحققه يقل في تقديري عن تحققه من خلال القراءات النقدية التي تساءل أعماله فتحقق لها شيئاً غير السير على
...>>>...
في أحد كتب حوارات لقرن جديد، حول الحداثة وما بعد الحداثة بين الدكتور عبدالوهاب المسيري صاحب موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية والدكتور فتحي التريكي صاحب فلسفة التنوع وفلسفة الحداثة، يتضح لنا مجموعة الأسس التي يقوم عليها موقف عبدالوهاب المسيري من الحضارة الغربية والأسس الفلسفية التي تقوم عليها والتي يحددها لنا في الحلولية والعلمانية وما بعد الحداثة.
مما لا شك فيه أن الدكتور عبد الوهاب المسيري ترك تأثيراً إيجابياً في فكري منذ أن تعرفت على أعماله الفكرية لأول مرة عبر كتاب (الإيديولوجيا الصهيونية: دراسة حالة في علم اجتماع المعرفة) الصادر عام 1980 عن سلسلة علم المعرفة الكويتية.
لقد بهرني ذلك الكتاب بعمق مادته، وما تضمنه من مقدرة تحليلية رائعة مقارنة بالكتب التي سبق أن قرأتها عن نفس الموضوع.
الدكتور عبد الوهاب المسيري يعد من أبرز المفكرين الذين قدموا مشروعا معرفيا شبه متكامل يربط بين الفكر والواقع، يسعى في خضمه إلى تأسيس حداثة إنسانية تستلهم المبادئ الإسلامية والعربية وليست الغربية. وتأتي أهمية المسيري أنه - على عكس الكثيرين - قدم مشروعه المعرفي بدءا من البدايات ورغبته في تأصيل ظاهرة الصهيونية؛ ما قاده إلى
...>>>...
اهتم المفكر العربي المعاصر عبد الوهاب المسيري منذ أوائل السبعينيات بدراسة الحداثة الغربية وعلاقتها الوطيدة بظهور الإبادة الجماعية كحل نهائي لمشكلاتها المتفاقمة وكأداة ممكنة لبناء الفردوس الأرضي الذي يتمثل في الوصول إلى أقصى درجات التقدم المادي العلماني المنفصل عن القيمة الإنسانية والمرجعية الأخلاقية.
ويرى المسيرى أن مشروع الحداثة الغربية يضرب بجذوره في القرن السابع عشر وما تحقق من
...>>>...
لماذا لم يظهر بيننا نحن العرب فيلسوف معاصر؟ وهل كتب علينا أن يظل مفكرونا مجرد نقلة أو شارحين على متون الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة؟ ولماذا لا يتجرأ مفكرونا على التفلسف المباشر إزاء مشكلات حياتنا العربية وظواهرها العديدة التي أصبحت تصدمنا وتفاجئنا كل يوم بجديد؟ لماذا يفضلون مواجهتها من وراء حجب كثيفة من النظريات والمناهج والمفاهيم الغربية (والغريبة) عن واقع ثقافتنا وخبراتنا الاجتماعية
...>>>...
تظهر آراء المسيري المتصلة بالمسألة الدينية، والنص الديني عموما، من خلال تناوله لمجموعة من القضايا.. طبعا المسيري ليس متخصصا في العلوم الإسلامية أو الدينية، وهو بالمناسبة لا يدعي ذلك أبدا، لكن استقراءنا الدؤوب والمتأني لمجموعة من الإشكالات التي هي من اختصاص (أهل الذكر) في المسألة الدينية، تنم على امتلاك الرجل لأدوات معرفية وجهاز مفاهيمي أوصله إلى إنتاج آراء تميزت بالدقة والعمق.
من الرائع والمفرح أن تخصص الجزيرة الثقافية ملفاً خاصاً بعالم جليل تتلمذنا على يديه نحن طلاب جامعة الملك سعود في الرياض.
لقد قدم لنا الدكتور عبدالوهاب المسيري مادة علمية راقية لم نعتد عليها.
كانت محاضراته من القيمة بحيث إن لا أحد من الطلاب يتغيب عن مادته رغم أنه ببساطة لا يقرأ أسماء الطلاب الحاضرين في بداية محاضرته كما يفعل زملاؤه من الأكاديميين الرسميين الذين اهتموا بالشكل فغاب
...>>>...