** يظل عبد الوهاب المسيري رائداً في قضايا تبناها ودافع عنها إن لم نقل نذر حياته لها، والتزم - يوم تخلى الأكثرون - بمواقف علمية ثابتة من الفكر الصهيوني مع وعي جريء دعاه إلى أن يتساءل حول (حقيقة البروتوكولات)، وعلاقة يهود بالحركات الشيوعية العربية، ووصل إلى أن ما يسمى (بروتوكولات حكماء صهيون) كذبة كبرى استندت إلى وثائق روسية هدفت إلى تضخيم إمكانات العدو الأول للأمة سعياً إلى إحباطها.

** سبق المسيري فوكويوما فنشر كتابه (نهاية التاريخ) قبل بضع وثلاثين سنة ولم يلتفت إليه سوى القلة، ثم جاء الأمريكي (ذو الأصل الياباني) فأصم العالم بنظريته، وبات مع (هنتنجتون) ثنائياً صادماً لم يبق محلل ومفكر وناشئ دون أن يتوقف عند آرائهما الافتعالية، أو ربما الانفعالية..

** ولعل من يريد أن يتعرف على المسيري الذي قام بما يقوم به مركز أبحاث متكامل، أن يطالع (فقط) سيرته المنشورة عن دار الشروق (رحلتي الفكرية)، وفي جانب منها عرض رؤيته لحركة الحداثة في السعودية، وكان له موقف قد يتناقض مع مواقف، غير أن السمة الأبرز في السيرة هي التزام ما يؤمن به، وفي هذا كفاية.

** المسيري رقم مهم في الدراسات المتصلة بيهود والفكر الاستيطاني التدميري الصهيوني، وقد كان وظل شجاعاً ندر مثله في زمن التطبيع والاستلاب، وملف هذا العدد ضوء عابر على مسيرة هذا الرجل الكبير الذي لا يزال - رغم المرض والسنوات السبعين - معطاء مجددا.. فله تحية المحتفلين كما المختلفين.

**التخصص تميّز.