شهدت في يوم الثلاثاء 28-4-1436هـ ملتقى اللغة العربية والطفل.. تحديات وتجارب، نظمه كرسيّ بحث صحيفة الجزيرة للدراسات اللغوية الحديثة في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن. وعالج هذا الملتقى مسألتين مهمتين هما اللغة العربية والطفل، وهما مسألتان لا ينقضي البحث فيهما. عرض الباحثون طائفة من البحوث المهمة المتكاملة بدأها الأستاذ الدكتور بدر الصالح أستاذ تقنية التعليم والتصميم التعليمي في كلية التربية جامعة الملك سعود، عرض مقترحًا لدمج التقنية الحديثة في تعليم الطفل اللغة العربية؛ ولذلك تعرض للتحديات التي تواجه استثمار التقنية في التعليم ومنها ضعف إعداد المعلم وندرة المحتوى اللغوي التعليمي الموجه للطفل، وفي محاولة لمواجهة تلك التحديات بين الفرص الممكنة لتهيئة ذلك ثم اقترح إطارًا ينطلق من منظور نظامي كلي يهتم بتأهيل المعلم وإعداد محتوى لغوي بأوعية تقنية حديثة.
وقدم الأستاذ الدكتور فهد البكر أستاذ المناهج وطرق التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية رؤية ناقدة لكتب اللغة العربية المطورة في ضوء المدخل التكاملي، وبيّن الباحث القدير خللًا واضحًا في تأليف تلك الكتب إذ لم توحد النص اللغوي موضوع المهارات اللغوية المختلفة، وكشف عن قصور أداء المعلم بأنه يركز على النظريات اللغوية مهملًا تنمية المهارات تطبيقيًّا وهذا مناقض للغرض معاند لأهداف التعليم التكاملي.
وأما الدكتور صالح المحمود أستاذ الأدب والنقد المساعد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فعالج ما نال لغة الطفل في الإعلام الذي لا يعبأ بالطفل مركّزًا على الربحية والجاذبية وإن كانت مفسدة لسلوك الطفل مضيعة للقيم التي ينبغي أن يتمسك بها مع أن لبعض محطات الإعلام أثرًا في تنمية معجم الطفل، ولكن معظم القنوات الجذابة تسيطر عليها اللهجات المختلفة التي تنحي اللغة الفصيحة، ودعا الباحث في بحثه (لغة الطفل والإعلام: من السطوة إلى المقاومة) إلى تحرير ربقة اللغة من العامية لأهمية تنشئة الأطفال بهوية عربية جامعة للناطقين بها فهي الجامعة لهم في أقطار العرب وفي العالم الإسلامي الذي لا يعرف من اللغة العربية سوى لغة القرآن الفصيحة. وتناولت الدكتورة وفاء السبيل أستاذ أدب الطفل المساعد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية توظيف الأجناس الأدبية في تنمية المهارات اللغوية للطفل، وبيّنت الباحثة أن كل الأجناس الأدبية صالحة لتنمية مهارات الطفل إن أحسن استعمالها وعرضت لنماذج وفقت إلى ذلك مثل سلسلة اقرأ وبعض أشعار العيسى، والمدخل الذي تدعو إليه الباحثة هو استغلال ما في الأدب من جمال وتسلية يشد انتباه الأطفال فليس كاللعب والتسلية طريقًا موفقًا لتعليم الأطفال.
وقد أثارت البحوث جملة من المداخلات من أهمها ما أشارت إليه الأستاذة الدكتورة منيرة العلولا من سيطرة التعليم الأجنبي وانتشاره وتعمد الناس إلحاق أبنائهم فيه طمعًا في تعليمهم اللغة الإنجليزية لما لها من سيطرة على إدارة العمل والحياة وهذا مخل بهوية الأمة مزعزع لثوابتها فليس تعلم اللغات الأجنبية مجرد تحصيل لغة بل هو حمولة ثقافية مجتلبة تزعزع ثوابت المجتمع ومبادئ لا بد من الدفاع عنها والمحافظة عليها.
وإلى جانب ما ذكرته الدكتورة نجد أن تعليم العربية في تلك المدارس على جانب من الضعف والتعقيد ينفر الطلاب منه ويجعل تعلم العربية عبئًا ثقيلًا.
ومن بحوث الملتقى ما قدمته الدكتورة هند الخليفة أستاذ علم الاجتماع المشارك وهو نماذج لبعض الجهود المؤسسية الرائدة في خدمة اللغة العربية للطفل فقدمت نبذة عن جهودها وبينت أهم العوامل المؤثرة في فعالية تلك المؤسسات، وكشفت عن آثار تلك الجهود في تقديم اللغة العربية للطفل.
وعرض في الملتقى لتجربتين من تجارب الكتابة للطفل الأولى لمنى البليهد كاتبة قصص الأطفال عرضت تجربتها في تأليف سلسلة الطفل المفكر وسلسلة من أين أتت، وبيّنت كيف أن القصص تثري خيال الطفل وتعلمه عناصر يراها في بيئته وشرحت كيف تفيد الأشعار المنشدة في تنمية ذائقة الطفل وزيادة مرحه وتثبت قيما مهمة، والتجربة الآخرة لمها الشهري وهي كاتبة ورسامة لقصص الأطفال، وقد كتبت الأستاذة القديرة حين وجدت أن معظم ما يقدم للأطفال مترجم وليس مؤلفًا بالعربية ابتداءً فشرعت بالتأليف والرسم فكان من ذلك (حكاية عظمة) وبدأت أول سلسلة (قصتي).
بقي أن نرجو أن تنال أبحاث الملتقى صداها عند المجتمع وعند من بيده تفعيل ما فيها من مكتسبات حتى لا تذهب وتنسى كما نسي غيرها من ثمرات ندوات ومؤتمرات ولقاءات سابقة، ويظل عملنا يسوده الارتجال.
- الرياض