الثقافية - كمال الداية
صدر كتاب: «الرياض.. مسيرة التطور العمراني والحضري»، في مجلدين من القطع المتوسط، وتجاوزت صفحاتهما 490 صفحة، توج مؤلفه الكتاب بإهداء لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، مهندس نهضة الرياض ورائد تخطيطها الأول، ويكشف السليمان سبب تأليف كتابه بقوله: «كانت الفكرة المحورية حول تأليف هذا الكتاب، هي ما خطر في ذهن مؤلف لفترة من الزمن حول أحياء الرياض الطينية القديمة، والتي تشكل الرياض تاريخية، والتساؤل كيف كانت بداية نشأتها؟ وما هو منهج وأسلوب التخطيط حمراني الذي اتخذه أهل هذه المدينة العريقة لبنائها؟ ومتى بدأت تُعمر هذه حياء والحارات؟ إذا عُرف أن الرياض (المدنية القديمة كانت محاطة بالسور البوابات، ومن خلف السور يُحيط بها طوق ريفي كثيف من بساتين النخيل. عد عقد أو عقدين من استرداد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، للرياض عام 13هـ/ 1902م بدأت الأحياء خلف السور تنمو شيئًا فشيئًا لتحل محل بساتين خيل، وكلما تم اجتثاث بستان نخيل تبعه آخر.. وهكذا حتى اكتمل اجتثاث ضم النخيل، وأقيمت عليها أحياء طينية جديدة تُحيط بالسور من كل جهاته، سواء الشمالية والغربية والجنوبية. ففكرة هذا الكتاب كانت البحث حول السور العمراني الذي تم في تلك المرحلة، وكيف تم بناء تلك الأحياء وأسلوب خطيط العمراني الذي اتخذه بناتها، وما هي المعايير والضوابط التي اتخذت تحديد مساحات قطع أراضيها وشكل ونوعية شوارعها وأزقتها وبراحاتها. من بعد بدء البحث وكتابة المسودة الأولى للكتاب خطر على بال المؤلف عملًا كهذا يبدو ناقصًا إذا لم تؤخذ في الاعتبار فترة ما قبل الأحياء الطينية حيطة بالسور، وفترة ما بعدها، فيما يخص المدينة نفسها وكيف نشأت، وما هو تاريخها العمراني منذ ظهور حَجْر اليمامة حتى نهاية عهد الملك عبدالعزيز الذي شهد ذروة بناء تلك الأحياء، وما صاحبها من التطور مثل ازدهار مدارس تحفيظ القرآن، وافتتاح مدارس التعليم النظامي، وتخريج العلماء والقضاة من حلقات مسجد الشيخ والمساجد الأخرى، وكذلك انتعاش حركة البيع والشراء والتجارة ودخول مظاهر المدنية الحديثة بإنشاء بلدية وشرطة الرياض، وبناء محطة البرقية، ومحطة القطار، ووصول أول طائرة وإنشاء المطار، مع طفرة بناء القصور والمعالم العمرانية المتعددة. وكذلك ما تم بعد تلك المرحلة، حيث شهدت الرياض تطورًا عمرانيا جبّارًا بعد تولي الملك سعود مقاليد الحكم والنقلة النوعة العمرانية التي استمرت عقوداً لاحقة، فبدأت هذه الصفحات تزداد صفحة فصفحة، عبر هذه المراحل الثلاث التي شكلت مسيرة عمرانية وحضرية للرياض، مرحلة ما قبل عهد الملك عبدالعزيز وتشمل جذور المدينة التي كانت (حَجْر) ثم بلداتها المنبثقة عنها مثل «معكال»، ومقرن»، و«العود» وغيرها، والمرحلة التي أطلق عليها في ثنايا هذه الصفحات الرياض التاريخية التي تشكلت من الأحياء الطينية خلف السور في عهد الملك عبدالعزيز التي ذكرناها، آنفًا، ثم المرحلة العمرانية الثالثة بداية من عهد الملك سعود واستمرت لتغطي خمسة عقود لاحقة، شملت عهد كل من الملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد، والملك عبدالله -رحمهم الله جميعاً-، وحتى العصر الحاضر عهد الملك سلمان -حفظه الله-، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -أيده الله-. فمن يُلقي نظرة على صفحة المحتويات سيجد أنَّ هذا التسلسل يمثل مسيرة من التطور العمراني والحضري الذي بدأ من حجر اليمامة حتى الرياض الزاهرة الحاضرة، مع الإشارة إلى أن هذه الصفحات أو المسيرة لا تشمل جميع المعالم والعناصر العمرانية في هذه المرحلة التي لا يمكن استيعابها في كتاب واحد يُعطي فكرة وافية للتطور العمراني والحضري الهائل في تلك العقود اللاحقة بعد عهد الملك سعود، بل تحتاج إلى مجلدات؛ لذا تم اختيار نماذج يُؤمل أنها تُمثّل التطور العمراني والحضري بتسلسل زمني في تلك العقود وحتى الوقت الحاضر.
لقد حاول المؤلف التطرق إلى تفصيل بعض الأحداث العمرانية من دون إسهاب مُملّ، أو قليل مُخلّ التي ربما لم تكن بعض كواليسها ظاهرة للعيان، ولعل توضيحها والإسهاب فيها فيه فائدة للقارئ المحب لتاريخ الرياض العمراني.
كما تم دعم هذه الصفحات أو السيرة بالمخطوطات المتوفرة قدر الإمكان، والصور الفوتوغرافية، والمخططات العمرانية التي تسند ما ذكر من نصوص وتطور عمراني للمدينة.
ولعل الصورة تغني عن ألف كلمة كما يُقال، لذا حاول المؤلف أن يضع كل تلك الوثائق، مخطوط أو صورة أو مخطط، في مكانها المناسب في مواضيع وفقرات الكتاب. وقد التزم المؤلف بالأمانة العلمية وذكر المصادر والمراجع الموثقة والشفهية الضرورية لكل معلومة في ثنايا صفحات هذه السيرة، وكذلك ذكر مصادر المخطوطات والصور مع كل مخطوط وصورة، حتى ولو كانت معروفة ومألوفة.
ويتكون الكتاب من جزأين، يحتويان على تسلسل التطور العمراني والحضري كما تشير إليه صفحة محتويات الكتاب حيث الجزء الثاني استمرار لمظاهر التطور العمراني والحضري الذي بدأ في الجزء الأول.
أحمد الله سبحانه وتعالى وأشكره على أَن مَنَّ عليّ بالتوفيق لإتمام هذا البحث وتأليف هذا الكتاب الذي استغرق الكثير من الوقت والجهد، وما تخلله من التمعن في المصادر والمراجع المتعددة والبحث عن المخطوطات والصور والمخططات المناسبة وإعدادها لتكون في بوتقة السياق العام لفصول وفقرات الكتاب.
آمل أن يكون هذا الكتاب إضافة مفيدة للمكتبة السعودية، ومكمل لما ألف حول الرياض وكتب عنها من قبل، وأن يكون لَبِنَة في سد ثغرة من ثغرات تاريخ الرياض العمراني والحضري.
حفظ الله الرياض عاصمة مملكتنا الغالية، في ظل عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه-، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -سلمه الله وأبقاه-.
ولم يغفل المؤلف الشكر والتقدير لكل من ساهم في دعم الكتاب، حيث توجهم بكلمات في مطلع الكتاب قال فيها: «أود أن أتقدم بالشكر الجزيل للإخوة الذين ساهموا ببعض المعلومات والملاحظات، وأخص بالذكر أخي الشيخ الجليل إبراهيم بن محمد السليمان على ملاحظاته القيّمة، وأخي معالي الأستاذ صالح بن محمد السليمان على جولته معي في حي الظهيرة، وتحديد موقع أول مدرسة ثانوية في الرياض، والشيخ عمران بن محمد العمران عضو مجلس الشورى السابق على معلوماته القيمة حول المجلس البلدي الأول في الرياض، والأخ الأستاذ محمد بن عبدالله السيف على ملاحظاته مشكورًا، والشيخ إبراهيم بن محمد بن سعيدان على لقائي معه وموافاتي ببعض المعلومات عن بداية حركة العقار في الرياض، وإهدائه لي كتابه «حياتي في العقار» الذي احتوى على معلومات استفدت منها في الكتاب، والأخوين فهد وعبدالإله ابني سعد بن يحيان على موافاتي ببعض المعلومات والوثائق حول المساهمات العقارية القديمة في الرياض الخاصة بوالدهما سعد بن يحيان، والأخ المعز لدين الله محمد أحمد لطباعة وتنسيق الكتاب. كما أدعو الله -عزّ وجلّ- بالرحمة والمغفرة لكل من أخي الشيخ النسابة أحمد بن محمد السليمان، والشيخ المؤرخ عبدالرحمن بن سليمان الرويشد، وأخي المؤرخ الباحث خالد بن أحمد السليمان الذين كان لمعلوماتهم الثرية، سواء المطبوعة أو الشفهية، عميق الأثر في حصولي على ما خُفي حول تاريخ الرياض العمراني غير المكتوب وتمكنت -بحمد الله- أن أضعها بين دفتي هذا الكتاب.
وأخيراً.. لا يفوتني أن أشكر أفراد أسرتي الغالين: زوجتي سارة، وأبنائي: غيداء، ومشعل، وسلطان، وفيصل على دعمهم المتواصل طيلة إعداد هذا الكتاب.
وقد تضمن الكتاب صورًا نادرة لجميع مراحل مدينة الرياض تاريخيًا وحديثًا إلى جانب تدعيم كل ما ذكره بالمصادر والمراجع اللازمة.