القلم هو أداة تخترق العقول وتحلِّق في سماء الإبداع، وعندما يلتقي القلب بالقلم، يحدث نبضٌ لا يمكن إيقافه. فالقلب ينبض بالحياة، والقلم ينبض بالكلمات، وعندما يتحد هذا النبض القوي ينشأ شيء سحري يسمى الكتابة.
وفي عالم الكتابة تتجلى قوة الكلمات وجمالياتها من خلال القلم. فهو الأداة التي تترجم أفكار الكتاب وتنقلها إلى الورق، فيا ترى هل فكرنا يومًا في نبض القلم؟
إنه النبض الذي ينبعث من أعماق الكاتب وينقل لنا أحاسيسه وتجاربه. فعندما يبدأ الكاتب في التحرير، يتحول القلم إلى أداة سحرية تعزف لحنًا خاصًا وتراتيل روحية تتعالى من صفحة الورقة. إنها أنغام الإلهام التي تسافر بنا إلى عوالم بعيدة وتنقل لنا قصصًا ومشاعر ومواقف تثير العواطف وتلامس القلوب.
فنبض القلم هو طريقة للتواصل العميقة بين الكاتب والكلمات. إنه الشعور الذي يتجلى عندما ينساب الحبر عبر القلم ويتشكل في صورة حروف وكلمات. ويجعل الكاتب يشعر بنبض القلم كأنه نبض قلب ينبض بالحياة والشغف والإبداع؛ فيعكس العواطف المتنوعة التي يشعر بها الكاتب أثناء الكتابة التي قد يكون نبضًا هادئًا يعكس السكينة والتأمل، وربما تكون عاصفًا يعكس الحماس والغضب. إنه النبض الذي يجسد الشخصية الكاتبة وينقل لنا جزءًا منها.
وفي أوقات الإلهام، يتسارع نبض القلم ويتراقص على الورقة بفرح وحماس. إنه الوقت الذي يشعر فيه الكاتب بأنه يعزف سيمفونية مليئة بالأفكار والكلمات الجميلة. فيتلاعب القلم بالأحرف ويجمعها ببراعة ليصنع صورًا وصوتًا ينبض بالحياة.
ولكن هناك أيضًا أوقات يعترض فيها الكاتب صعوبات وتحديات يمكن أن يكون نبض القلم بطيئًا ومترددًا في تلك اللحظات فيعكس الشك والحيرة والفوضى التي تعتري الكاتب. ومع ذلك، فإن الكاتب المحترف هو من يستطيع أن يتغلب على هذه العقبات ويستخدم نبض القلم ليكون جسرًا ينقله إلى النجاح والتفوق ، ويكون نبض القلم شيئًا سحريًا يسمح للكاتب بالاندماج مع الكلمات والعالم الذي يصوره ويعكس الانفعالات والتجارب الشخصية للكاتب، ويضفي عمقًا وحياة على الكلمات التي يكتبها ويعبر عن الحياة الداخلية للكاتب.فمثلا عندما يكتب الشاعر قصيدته، يمكن أن يشعر بنبض القلم وهو يتدفق من قلبه، فيعبر عن حبه وألمه وأحلامه. وعندما يكتب الروائي روايته، يمكن للقارئ أن يشعر بنبض القلم وكأنه يعيش تلك القصة، فيشعر بالتشويق والحماس والحزن فبات نبض القلم هو الذي يحكي القصة ويجذب القارئ إلى عالم الكتابة.
ونبض القلم لا يقتصر فقط على الكتابة الإبداعية، بل يمتد إلى كل مجال من مجالات الكتابة. سواء كان ذلك في الشعر أو الرواية أو المقال أو حتى في الكتابة العلمية، ويمكننا أن نجد نبض القلم يتردد بين السطور ويصنع تأثيرًا حقيقيًا على القراء،
ومن هنا فإن نبض القلم هو الروح التي تنبعث من الكاتب وتنقل لنا قصته وأحاسيسه. إنه لغة الروح التي تعبر عن المشاعر العميقة والتجارب الحياتية؛ لذلك يحتضن الكتاب نبض الأقلام ويمضون بها في رحلة الكتابة، ففي كل نبضة يكتبون يتحرر القلم والقلب معًا، ويتحقق العجب الذي يحدث عندما يلتقي النبضان في توافقٍ واحد. ومن ثم نستمع إلى نبض القلم ونعيش تلك الأنغام الرائعة التي تأسر القلوب وتحكي قصصًا ومشاهد ومواقف لا تُنسى.
** **
- د. حمدان إبراهيم الحارثي