قصيدة مؤثِّرة للشاعر المعروف عبد الله بن محمد السياري مخاطباً أصغر أبنائه -يوسف- اختزل من خلالها فحوى تجارب الحياة وأهداه خلاصتها الإيجابية بتوجيه الأب وحنوه وإيثاره.
يا يوسف البارحة ما غمّضت عيني
أجاهد النفس واقنعها واعاتبها
من يوم عقبت خمسٍ فوق ستيني
عوّدت اعيد النظر فيها واحاسبها
العمر طرّف وبعض الشي يكفيني
وحمر المنايا تناوشني مخالبها
البيض والسود تضحكني وتبكيني
وأسري وعيني سواد الليل حاجبها
يا كثر ما ذقت حلو وشفت من زيني
وشربت من مرها واحلى مشاربها
ويا حلو ما مرني في سالف سنيني
شابي اللي فقدته من مكاسبها
يومي شبابٍ وهي تاخذ وتعطيني
ما هيب تقفي وتعطيني غواربها
يوم الشباب يتمايل بي ويطغيني
والنفس مع غايتي هبّت هبايبها
أمشي ودنياي تدنيني وتقصيني
أحيان أصدق لها.. واحيان أكذبها
هاك الليالي ترى نفسي تهقويني
أرفع يدي للسما والمس كواكبها
اليوم عن كل هذا غمضت عيني
وحلفت بالله للفتنة ما الد ابها
وحطيت قلبي ونفسي تحت رجليني
أأدب القلب بالتوبة وأدّبها
وطويت صفحة غرام البيض بيديني
ورفعتها في المكان اللي يناسبها
ما عاد لي حاجةٍ في الواو والغيني
دنياً عطتني قفا وشلون أبطلبها؟
أخير ما آشوف قبل الجيم والسيني
أرفع يديني لربٍ ما يخيبها
الصوم يوم الخميس ويوم الإثنيني
مع ركعتينٍ بتال الليل أرتبها
والحج كانه تيسر كل عاميني
مع عمرةٍ كل خمس سنين وص ابها
للي يبي الخير من غالي وغاليني
يا كبر حظ السعيد اللي يفوز ابها
ولبّيت للي على الهجعة يناديني
يا مالك الارض مشرقها ومغربها
يا الله يا الله تغفر لي وتهديني
والروح بحماك ربي لا تعذبها
يا مالك الكون تسترني وتغنيني
عن حاجةٍ لي بدت تصعب مطالبها
أعوذ بك يا إلهي من شياطيني
والنفس عن سكة الغاوين جنّبها
يا يوسف أوصيك جوّد عروة الديني
مكّن يدينك بها حبل وتلو ابها
الدين سِلَّم نجاتك يا نظر عيني
مع وصل الأرحام لو تبلشك اقاربها
وإحرص على مرحباً بالضيف واهليني
ميراث جدك وابوك اللي غذاك ابها
جدك محمد عمى عين الحسوديني
له سيرةٍ بالكرم كلٍ يقول إبها
مع سيرة اخوانك الغر المياميني
خذ في حياتك دروسٍ من تجاربها
إخوانك سلاح كفك في المياديني
هم تاج راسك عن الشمس ولواهبها
وقبيلتك محزمك في العسر والليني
نِعم القبيلة ونِعمٍ في مناسبها
قبيلةٍ مجدها عند السماكيني
يموت بالغم حاسدها وحاربها
وإغنم ترى الوقت حده حد سكيني
تقطع إذا اخطت هدفها كف قاضبها
وإحرص على عِشرة عيال المسميني
اللي على المرجلة تفتل شواربها
وبعّد مراحك عن امراح الردييني
ولا تبلع اللقمة المرة تغص ابها
يا يوسف العود قبل اوصيك موصيني
ما تكره النفس عنه النفس جنبها
هديةٍ جتك تنضح بالرياحيني
نصيحةٍ من صميم القلب كاتبها
ريحانة الشعر من غالي البساتيني
أنا اجزم انك إذا جتك بتفزّ بها
- عبد الله بن محمد السياري