د. عبدالواحد الحميد
كنا نشكو سابقاً من سطوة التلفزيون واستحواذه على ساعات عديدة من أوقاتنا على حساب قراءة الكتب التي كانت هي المصدر الرئيسي للمعلومات وتزجية الوقت والاستمتاع لدى الكثير من الناس في جميع بقاع العالم وعلى امتداد التاريخ منذ اخترع الإنسان الكتابة والقراءة.
اليوم، ورغم استحواذ التلفزيون على جزء كبير من وقت إنسان هذا العصر، إلا أن التقنية أظهرت منافساً شرساً للتلفزيون، فضلاً عن منافسة قراءة الكتب والجرائد والمجلات، وهو الإنترنت، ثم تطورت الحال وأصبحت الهواتف الذكية مصدراً آخر للمنافسة من خلال توسيع وتسهيل استخدام الإنترنت.
ولاشك أن الهواتف الذكية، بالرغم من فوائدها التي لا تُعَدْ ولا تُحصى، أصبحت بمثابة لص خطير يستولي على وقت الإنسان! فمن خلالها يجد الإنسان نفسه مُلاحقاً بالتطبيقات العديدة المتنوعة والمتزاحمة والمتسارعة التي تسرقه طيلة الوقت مثل الواتساب والتويتر والفيس بوك وغيرها.
لكن الأمر الجيد هو أن الكتاب بالرغم من جميع المنافسين المتكاثرين في الساحة لازال يحتل منزلة مهمة لدى الناس، وهذا ليس من قبيل الأماني وإنما هو الحقيقة التي تؤكدها الدراسات الاستطلاعية. فالناس يتابعون الجديد من الكتب ويقرأونها سواء ككتب ورقية أو كتب رقمية بدليل النجاح الكبير الذي تحققه معارض الكتب، ومن أهمها -بالنسبة لنا- معرض الرياض الدولي للكتاب. أما في الدول المتقدمة فالكتاب هو الرفيق الذي لا يفارق أيدي الكثير من الناس حتى وهم في مقاعد المترو أو حافلات النقل العام أو القطار.
لا نقول أن الكتاب لازال يحظى بنفس الأهمية التي كان يحظى بها سابقاً لدى كل الناس. فمن المؤكد أن الكتاب فقد بعض أهميته النسبية، لكنه بالمطلق يزداد انتشاراً كنتيجة طبيعية لزيادة عدد السكان وزيادة أعداد المتعلمين. لقد صمد الكتاب، على مدى التاريخ، كمصدر للمعلومات الجادة المعمقة واكتساب المعارف؛ وفوق ذلك ظلت قراءة الكتب هواية لذيذة وممتعة لمجرد القراءة التي يعرف مدمنوها أنها تتحول إلى هدف بحد ذاتها وعادة يومية آسرة لا يمكن الفكاك منها تحت أي ظرف.
كل هذا، والاختراعات تتعاقب منذ صدور أول صحيفة وانطلاق البث من أول محطة إذاعية وأول محطة تلفزيونية، ثم سيل الاختراعات الإليكترونية الجارفة، وهذا أمر يبعث على الإطمئنان ويُدخل السعادة إلى قلوب محبي الكتاب.