د. أحمد الفراج
لا جدال في أن الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب (1988-1992) كان سياسيا بارزا، وقد كان منافسا شرسا لرونالد ريجان في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة لعام 1980، وهو الأمر الذي أجبر الحزب على عقد صفقة، يتم بموجبها اختياره نائبا للرئيس ريجان، ولم يكن بوش يطمح لمنصب نائب الرئيس، بل كانت عينه على الرئاسة، وقد تمكن في النهاية من الفوز بها، ولأنه كان يتهم بالليونة، فقد حرص على أن يمثل دور الكاوبوي، وما شراسته في حرب تحرير الكويت، إلا مثالا لذلك، فقد مثل دور الجنرال، أكثر من دور الرئيس، وكان واثقا من أن انتصاره في تلك الحرب كان كفيلا بإعادة انتخابه في العام 1992، ولكن كان لايباك، الحاكم الفعلي للإمبراطورية الأمريكية، رأي آخر.
لم يكترث بوش الأب كثيرا في مسألة إعادة انتخابه، لثقته في الفوز، ولكن وزير خارجيته، جيمس بيكر تهور، وزل لسانه، عندما قال، في لحظة غضب:» إننا لن نلاحق الإسرائيليين، وإذا رغبوا في الحديث معنا، فإنهم يعرفون رقم هاتف البيت الأبيض !!»، وهذا نوع من اللغة التي يحرم على أي سياسي أمريكي استخدامها ضد إسرائيل، ولذا قررت ايباك معاقبة بوش الأب بحرمانه من إعادة الانتخاب، ولأن شعبية بوش كانت كبيرة، ويصعب على أي مرشح ديمقراطي هزيمته، حتى ولو كان بيل كلينتون، وذلك بعد أن رد الاعتبار لأمريكا في حرب الخليج الثانية، بعد هزيمتها المذلة في فيتنام، فقد تفتق ذهن ايباك عن خطة تنضح بالخبث، واللؤم !.
أوعزت ايباك إلى مندوبها لدى قناة سي ان ان، الصهيوني الناعم، والعتيد لاري كنج، والذي بدوره أقنع، عبر برنامجه الشهير، الثري، والأمريكي المحافظ روس بيرو بالترشح للرئاسة كمستقل، وبالتالي فقد أصبحت الانتخابات الرئاسية لعام 1992، بين الجمهوري بوش الأب، والديمقراطي بيل كلينتون، ومرشح حزب الإصلاح روس بيرو، ولأن روس بيرو كان جمهوريا في الأساس، ومحافظا، فقد ذهب جزء كبير من أصوات الجمهوريين له، وهي الأصوات التي كانت ستذهب لبوش، لو لم تقنع ايباك بيرو بالترشح !!، وبالتالي فإن دور بيرو كان تخريبيا، إن صح التعبير، فقد استخدمته ايباك لمساعدة كلينتون للفوز على بوش الأب، ويبدو أن بوش تعلم الدرس جيدا، ولقنه لابنه جورج في انتخابات عام 2000!.
لقد حرص بوش الابن على أن لا يكرر غلطة والده، ولذا فقد حكم أمريكا عن طريق عتاة المحافظين الجدد، أو الصهاينة المسيحيين، وهم أكثر تأييدا لإسرائيل من الصهاينة اليهود، ونحن هنا نتحدث عن ديك تشيني، ودونالد رامسفيلد، وغيرهم من العتاة، الذين قادوا أمريكا إلى شبح الإفلاس، في سبيل خدمة مخططات ايباك، وهي المخططات التي بدأت باحتلال العراق، ثم التثوير العربي، وليس آخرها داعش، وأخواتها، أما متى سأتوقف عن الحديث عن ايباك ؟!، فهذا سيكون عندما يستطيع الأمريكيون انتخاب مرشح أمريكي، يطمح لخدمة أمريكا فقط، مثل روس بيرو، أو رون بول!!.