د. محمد عبدالله العوين
ماذا فعل ويفعل الإيرانيون في العراق منذ عام 2003م بعد أن سلمه لهم بريمر ؟! ماذا بنوا وأضافوا وطوروا ؟!
لقد استلم الإيرانيون وعملاؤهم العراق مدمرا بعد حصار طويل وحرب أمريكية ضروس؛ فزادوه بؤسا إلى بؤسه، وخرابا إلى خرابه، وجوعا إلى جوعه، وتشتيتا وتمزيقا إلى ما كان عليه من تمزق وتفرق.
أراد الإيرانيون بتأييد من الأمريكان أن يكون العراق للطائفة الشيعية التي تدين بالولاء لإيران وعملت على تجفيف قوة العراقيين السنة؛ فأبعدتهم عن مواقع صنع القرار في الحكومة وعملت على تهميشهم وإذلالهم ومحاصرة مدنهم وقراهم وسحب السلاح منهم، ثم سلطت عليهم مليشيات ما أسمته بـ « الحشد الشعبي « المتطرف بحجة تطهير أراضيهم من داعش ومعاقبة من أيدها؛ فكانوا بين نارين؛ إما أن يؤمنوا بأفكار داعش المتطرفة التكفيرية ويعلنوا البيعة لهذا التنظيم المجرم وإلا استحل دماءهم وأموالهم، وإما أن يقاوموا احتلال داعش فيتعرضوا للنحر وللتصفيات الجماعية، ثم يأتي الحشد الشعبي ويكمل الباقي بحجة إجلاء داعش ويقضي على من بقي من البشر والحجر.
لقد خطط الإيرانيون وهيأ لهم الفرصة الأمريكيون لتطهير العراق من العرب السنة؛ ليكون إيرانيا خالصا ولتعود بغداد عاصمة للإمبراطورية الفارسية؛ كما صرح أحدهم، وأغلقت عاصمة الرشيد أبوابها دون أهلها الأصليين؛ فلم تعد لهم ولم يعودوا من أهلها، وحرمت عليهم الدخول إلا بكفيل يعرفهم ويضمن ولاءهم للحاكم العميل لإيران.
على يد الإيرانيين وعملائهم عاث القتلة والسفاحون في الدم العراقي؛ فإلى جانب تخلق التنظيمات الإرهابية التي نشأت بحجة مقاومة الاحتلال الأمريكي؛ كتنظيم داعش الذي أنشأه أبو مصعب الزرقاوي اخترقت المخابرات الإيرانية وعملاؤها هذا التنظيم بدعم أمريكي وتكون داخله « داعش « آخر فارسي يقتل ويصفي وينتقم ويشوه قيم الدين الإسلامي؛ ليظهر « الإسلام السني « متوحشا يهدد العالم كله؛ مما يثير التعاطف مع الطائفة الأخرى ويسوغ جرائمها.
قامت الثورة الخمينية المشؤومة فأشعلت الفتن في المنطقة وكونت الأحزاب التي تتخذ من التشيع غطاء في العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن وغيرها؛ وأمدتها بالأموال وبالمنظمين وهيأت لها المواقع القريبة والبعيدة للتدرب على القتال؛ لأن لدى إيران بدعم أمريكي مشروع كبير وواسع لتفريس المنطقة العربية كلها مستعينة في ذلك بوكلائها وبإنشاء تنظيمات متطرفة مجرمة كداعش تسوغ لها التدخل؛ بحجة مقاومة الجماعات التكفيرية ونحو ذلك مما يخرف به الإعلام الموالي لإيران من المستأجرين الشيعة العرب الذين باعوا ضمائرهم وعروبتهم وانتماءهم لتاريخهم العربي وارتموا في الحضن الفارسي؛ كأولئك النفر الذين يتصايحون بشعارات ومقولات الفرس ويبررون جرائمهم ويدعون إلى انتهاك حرمات الديار العربية؛ كما هو الشأن في الفريق الإعلامي اللبناني والسوري والعراقي في قنوات المنار والإعلام والميادين وعشرات غيرها من القنوات المأجورة الرخيصة.
لم تطأ القدم الفارسية الخمينية أرضا عربية إلا دمرتها وأشعلت فيها النيران ومنحتها الفقر والخراب والفوضى، والدلائل على شؤم الخمينيين ما نراه من حرائق في البلدان العربية التي احتلوها عن طريق عملائهم أو سعوا إلى ذلك؛ فقد جلبوا معهم الموت والدمار والسلاح والضغائن والشتات والترحل والمدن التي غدت بعدهم أطلالا لا يسكنها إلا الموت والأشباح والقتلة من كل جنس وملة ودين ومذهب!
وفي مقابل هذا التدمير الممنهج للبلدان العربية والتصفيات المستمرة لأهلها السنة؛ تأتي اليد السعودية الخيرة البانية التي تحتضن أهلها وإخوانها من قبل ومن بعد؛ فتبني في لبنان مشروعات النماء من مستشفيات ومراكز تجارية وملاعب ومدارس وقوة عسكرية، وتمد اليمن بمليارات الريال لتأسيس دولة حديثة طوال ثلاثين عاما، ويصل خيرها إلى كل بقعة عربية؛ لم تكن أحزابا أو تنظيمات ثورية، ولم تدرب قتلة ولم تفجر أو تغتل أحدا كما فعل النظام السوري وحزب الله في لبنان، ولم ترسل أطنان الأسلحة كما فعل الفرس مع الحوثيين في اليمن!
نحن نبني وهم يدمرون!
والله غالب على أمره وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.