د. أحمد الفراج
قبل حوالي عشر سنوات، كان هناك لغط كبير حول الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن، وبما أن الرئيس بوش الإبن مسيحي محافظ، فقد زعم أحد الباحثين العرب أن جده الأكبر هو الواعظ المسيحي، جورج بوش، المولود عام 1796، والمتوفى عام 1851، وهذا الواعظ هو مؤلف كتاب « حياة محمد «، في عام 1831، وقد تهجم الواعظ بوش في هذا الكتاب على النبي محمد، عليه السلام، بشكل فج ووقح، وقال إن ظهور الإسلام كان عقابا من الله للمسيحيين في ذلك الزمان، والذين تخلوا عن تعاليم دينهم، فتم عقابهم من الله بظهور النبي محمد والإسلام!!، والكتاب لم ينتشر كثيرا، لولا أن نبش عنه هذا الباحث العربي، وأعاد الحديث عنه، ليزعم أن تعصب الرئيس بوش الابن له جذور تاريخية، فهل هذا الزعم صحيح؟، وهل لآل بوش علاقة بالمسيحيين الصهاينة؟!!.
الحقيقة هي أن الواعظ القديم، جورج بوش، ليس الجد الأكبر للرئيس بوش الابن، ووالده الرئيس، جورج بوش الأب، ومع ذلك فهو قريب لجدهم الأكبر، والذي يسمى أوبايداه بوش، المولود عام 1797، والمتوفى عام 1851، ما يعني أن الاثنين عاشا في فترة زمنية واحدة، وليس مؤكدا ما هي طبيعة العلاقة التي تربطهما، وما إن كان الجد الأكبر لأسرة آل بوش السياسية قد تأثر بقريبه المسيحي المتعصب، وقد رزق الجد الأكبر لآل بوش، المسمى اوبايداه بوش، بولد اسمه جيمس سميث بوش (1825-1889)، والذي كان محاميا، ورزق جيمس بابن، اسمه سامويل بوش ( 1863-1948)، والذي كان رجل أعمال، وسامويل بوش هو والد عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، بريسكوت بوش (1895-1972)، وبريسكوت بوش هو والد الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب، وجد الرئيس بوش الإبن، وبالتالي ليس هناك ما يشير إلى جذور تعصب مسيحي في أسرة آل بوش السياسية، ولكن مهلا!!.
حقائق التاريخ تقول إن الرئيس بوش الأب خسر انتخابات مجلس الشيوخ، في عام 1964 بسبب اتهامات خصومه له بأنه عنصري ومتطرف !!، وهي اتهامات لم تأت من فراغ، فقد كان دعم المسيحيين الصهاينة له هو أحد أسباب فوزه بالرئاسة، في عام 1988، وذلك عن طريق ابنه جورج، فقد كان جورج بوش الابن على علاقة وطيدة بالجماعات المسيحية الصهيونية، وساهمت أيضا ذات الجماعات في وصول بوش الابن للرئاسة لفترتين متتاليتين!!، ولعل من تابع مسيرة بوش الابن لاحظ فلتات لسانه فيما يتعلق بالدين، والحرب الصليبية، فهل كانت حقا فلتات لسان؟!، أم أن عقله الباطن نطق بمكنون قلبه؟؟!، وهنا يمكن القول إن الواعظ المسيحي المتطرف جورج بوش، والذي ألف كتابا يهجو فيه الإسلام والنبي عليه السلام، ليس هو الجد الأكبر لأسرة آل بوش السياسة، بل قريب لجدهم الأكبر، ولكن يبدو أن تقاليد هذه الأسرة العريقة متوارثة، أليس كذلك؟!!.