أمل بنت فهد
من أغبى المواقف وأكثرها سخرية وتضع الإنسان موضع المهرج.. عندما يلوح بالسوط بكل قوته في الفراغ.. ليسمع الجمهور وقعهُ في محاولة ليحكي لهم كم هو «حمش وشديد» دون أن يحسب حساب الارتداد غير المتوقع في القتال مع الهواء.. فتكون الضربة من نصيبه.. ليتدحرج ويتلوى.. فهو جلد نفسه بيده!
ذاك المشهد هو تحديداً ما يحدث مع المدير المهرج.. عندما يميل كل الميل مع أحد الموظفين لاعتبارات شخصية كالقبول والمحبة أو الفائدة.. وحتى في حال التفوق المهني.. وأمام مرأى ومسمع البقية يمطره بالترقيات والتكليفات.. وأحياناً يكون بقصد نبيل وغاية في السطحية.. ليثير المنافسة ولا يدري أنه أوقد الجحيم في عقر داره.. وخلع أول مسمار من كرسيه.. فهو من جهة أثار حفيظة البقية كأنما يتهمهم بالغباء والتقصير.. ودفع موظفه المحبوب والمفضل في وجه النار.. وفتح أمامه جبهات حرب بعدد زملائه الموظفين.. ولسوف تشتعل المنافسة وتصل إلى الحد الذي وصفه الكاتب الغزير إسحق أزيموف :»العنف آخر خيار في المنافسة» ذاك الحد الذي تعصف فيه الفوضى الأخلاقية والسلوكية والمهنية.. لأن المدير عقد صفقة مع الشيطان.
فكيف تصنع منافسة حضارية وراقية.. تخضع لمبدأ العدالة.. والإيمان بقدرة الجميع.. وتنوع مواطن الإبداع والتميز فيهم؟
ببساطة أخبرهم كيف يصلون.. أُفرش أمامهم خارطة الطريق واترك لهم مهمة الوصول.. ضع لهم مهام محددة لبلوغ خط الفوز.. وتخلص من انحراف مزاجك.. وتوجهاتك ومشاعرك.. لأن المقياس والميزان هو العمل والإتقان.. لا يكون العمل والمهارة مبنية على الجهد الشخصي والحظ.. فأنت لا تبيع بطيخاً.. إنما تصنع موظفين أكفاء.
لا معنى لضرب الموظفين بعضهم ببعض.. ولا تطبق مقولة «فرق.. تسد» لأنها تخص العدو.. وليس من نجاحك منوط بهم.. فإن كانت المنافسة بين الأبناء يمكنها أن تسبب جريمة.. رغم رابط الدم.. فكيف بمن مستقبلهم الوظيفي معلق بيدك.. ويمكن أن تخطفه يد الزميل أو الزميلة.
لا تخلق حرباً.. لأنك ستكون حينها أول الأسرى.. وبدلاً من تعداد الإنتاج والمخرجات.. ستعد المشاكل التي تبدأ ولا تنتهي.. ولن تتوقف حتى تسقط من كرسيك سقوطاً مدوياً.