ليس ادعاء حين نرى في الملك سلمان الشخصية التي تحمل صفة الأبوة لليمنيين، أو أننا نقول هذا عن عاطفة دون دليل حاضر، فكيف إذا كان بين أيدينا أكثر من دليل، وأكثر من سبب نؤكد بها سلامة هذا الوصف الذي نطلقه على خادم الحرمين الشريفين، بتجرد والتزام بصدق القول وموضوعية الرأي، وبالدليل القاطع الذي لا يقبل التأويل أو التشكيك.
* * *
فهل من تفسير لتبرعه بما يقارب ربع مليون دولار لرفع المعاناة عن اليمنيين المتضررين من قسوة الحرب التي كان سببها ميليشيا الحوثيين وأتباع علي صالح، وهل من حجة دامغة لصدق كلامنا عن أبوة سلمان أبلغ من قراره بإيقاف عاصفة الحزم والبدء بعملية إعادة الأمل، وهل من تأكيد لا يقبل النقاش أو الجدل حول هذه الأبوة أكثر من قراره أخيراً بإنشاء مركز للأعمال الإنسانية والإغاثية لليمنيين، ومازال هناك الكثير من الهدايا لشعب مكلوم من ممارسات علي عبدالله صالح وعبدالملك الحوثي العدوانية.
* * *
دلوني على زعيم في العالم غير سلمان، يملك كل هذه السجايا من الكرم والتسامح والمحبة والإيثار، وتتابع مواقفه الإنسانية والخيرية بهذا السخاء، دون أن يفكر بما تعرضت له بلاده ومواطنوه من إيذاء على أيدي حفنة من الإرهابيين، أو أن يحسب حساباً في مواقفه لنفر من اليمنيين غير مخلصين لليمن فكيف ينتظر منهم أن يخلصوا للمملكة، بدليل تنكرهم لكل الأيادي البيضاء التي ظلت على مدى ربع قرن تغدق عليهم من المساعدات المالية وغيرها ما هو معروف للقاصي والداني.
* * *
لقد كان سلمان بن عبدالعزيز، شهماً وهو يقف هذا الموقف الإنساني غير المستغرب منه نحو الشعب اليمني الشقيق، كما كان رجل دولة وهو يضع خلف ظهره كل ما سببه العدوان الحوثي من أضرار لبلاده، ويتجه نحو الأشقاء داعماً ومسانداً ومساعداً ومتفهماً لأحوالهم، فيصدر القرار إثر القرار، وفي فترات زمنية متقاربة، وجميعها تصب في مصلحة اليمن وشعبه، رغم مرارة الحرب، وقسوة الجرح، وتجارب كثيرة مر بها من الجحود لهبات ومساعدات كثيرة كانت موجهة منه لليمنيين.
* * *
وبمثل سلمان يكون القادة العظام، فلا يتغيرون، ولا يتراجعون، فهذه مبادئ اختطوها في حياتهم، وتوجهات تنشد الخير التزموا بها في كل تعاملاتهم، حتى وهم يواجهون كمثل ما واجهته المملكة من بعض اليمنيين من محاولة لعض اليد التي أطعمتهم، والملاذ الذي آواهم، والعمل الكريم في بلادنا الذي مكنوا من أخذ فرصهم فيه، وهو ما يحسب لسلمان بن عبدالعزيز، ويثمنه له العقلاء والمنصفين.
* * *
فيا سلمان ما عليك من هؤلاء الذين لا يمثلون شيئاً أمام أصالة الشعب اليمني، وتاريخه المشرف، ولا يمكن أن تفسد تصرفاتهم العلاقة الحميمة التي تربط الشعبين السعودي واليمني على امتداد التاريخ، والرهان يكون دائماً على من يلتزمون بمحبتهم ويحمون مثل هذا النوع من العلاقات، ولا يقبلون بها بديلاً، فلتكن أبوتك للشعب اليمني الأصيل قدوة للآخرين، يتعلمون منها المثل والقيم والأخلاق التي يجب أن تكون عليه مواقف كل الزعامات الحقيقية في جميع دول العالم.