سمر المقرن
هل تتفقون معي على أن خروج - بعض- الشباب بملابس تفتقد احترام الذوق العام؟ قبل الاتفاق أو الاختلاف لا بد من تحديد شكل هذه الملابس، فأنا أعتبر هذه الملابس هي ملابس النوم أو الفانيلة والسروال هذا الزي الذي نال شهرة عالمية بسبب كثرة التهكم عليه، أنا هنا لا أسخر من هذا اللبس إلا أن له مكانه وأوقاته. صار شيئاً طبيعياً أن ترى شاباً في مستشفى أو مركز تسوّق وهو يتمشى بثوب النوم، بهذا الزي هو لم يفقد احترامه لنفسه فحسب، بل حتى احترام الآخرين له، هذه المشاهد لم نكن نراها في السابق، فقد كان الرجل السعودي حريصاً على هندامه حتى لو أراد الخروج إلى محل البقالة القريب من بيته، هذا التغيير هو تأكيد على أن هناك فكراً «سلبياً» جديداً بدأ يحاصر شبابنا ونقص معايير الشعور بالخطأ، وأهمية احترام الطريق العام والناس في الأماكن العامة.
المشكلة ليست في خروج - بعض- الشباب بهذه الملابس فحسب، بل المشكلة الأكبر هو تفاخرهم بالخروج بها واعتبار هذه الملابس نوعاً من التطوّر وأنه شاب (كول) وهذا مرده إلى نقص ثقافة آداب الخروج من المنزل والمحافظة على الأخلاقيات العامة، وأظن أن انتشار هذه الظاهرة هو ما جعل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تُصدر قرارًا قبل عامين بمنع دخول من يرتدي الفانيلة والسروال من دخول المجمعات التجارية.
معضلة أخرى تتسبب بها هذه النوعية من الملابس، أن - بعضهم- يرتديها في الخارج، خصوصًا في الدول العربية وهي تمنح من يراها شعوراً واضحاً على شخصية مرتديها، وكثير من المشاكل والمضاربات في الخارج التي رأيناها عبر اليوتيوب كان أبطالها بمثل هذه الملابس، فبالإضافة إلى احتقار الناس له، هو بالعادة يُعبّر عن شخصية فوضوية تفتقد إلى أبسط أخلاقيات التعامل مع الآخرين، وإن كنّا نحتمل هذه النوعية من الشخصيات داخل البلد، فبلا شك لن يحتملها الناس في الخارج!
إن هذه القضية بحق يجب أن نسميها (قضية) وهي بحاجة إلى بحث وتقص وقياس الأخلاقيات الحميدة التي بدأت تتقلص داخل المجتمع، والبحث عن حلول تُعالج هذه الظواهر اللا أخلاقية، من هنا، أؤكّد على ضرورة إقامة مراكز بحثية اجتماعية تعمل بشكل دائم ومستمر على دراسة الظواهر التي تعطينا مؤشراً في التغيير الاجتماعي السلبي، وتضع الحلول العلاجية وتعممها على كافة المؤسسات لتفعيل النتائج والعمل ضمن خطوات ملموسة تُحارب هذه الظواهر، أضف إلى هذا ضرورة قياس المؤشر الأخلاقي الذي يقف خلف مثل هذه الظواهر، ووضع خطوات تربوية تسير عليها الأسر ومؤسسات المجتمع لمعالجة هذا الخلل وغيره.
إن مثل هذه الظاهرة تحتاج إلى كثير من الخطوات الإجرائية، إلا أننا قبل كل شيء نحتاج إلى مجتمع يستهجنها، ودور كل منّا أن يقوم على الأقل بنظرة استهجان لأي شخص يخرج بهذا الشكل في مكان عام، ولعل هذا هو أضعف الإيمان!