سمر المقرن
مع مواقع التواصل الاجتماعي وانتشار استخدام السعوديين لها وبالأخص (تويتر وسناب شات) أصبح من السهل قياس السلوكيات الاجتماعية السائدة، والألفاظ المتكررة، التي تنتشر بين مجتمع وآخر، ومعرفة كل مجتمع وما يخصه من سلوكيات وألفاظ.
بحكم أن تركيبتنا الاجتماعية جعلتنا كمجتمع إلى حد ما منغلق، هذا في السابق، لأننا مع ثورة الاتصال لم يعد هناك مجتمعات مغلقة. فنحن في هذه الفترة نعتبر نمر بمراحل الاكتشاف الأولى لمجتمعنا ولبعضنا البعض، فإن كنّا قبل سنوات طويلة نسمع لفظا نابيا من طفل أو شاب في سوق أو مكان عام، نستنكرها ونستهجنها وتعتبر في النهاية سلوكا يخصه وحده ومؤشرا على تربيته.
الآن أصبحنا نرى هذه الألفاظ النابية بشكل مكثّف ومتكرر عبر مواقع التواصل في وقت لم تتح لنا فرصة التقنية سابقًا رؤية مثل هذه السلوكيات، ولأكون صادقة معكم، لم تعرف الأجيال السابقة مثل هذه الألفاظ النابية وكان تداولها محدودًا في بيوت الأسر المعروفة بالانحرافات. هذه الألفاظ أخذت تتدرج مع الزمن، حتى أصبح لكل جيل ألفاظه التي تخصه، فهذا الجيل مثلاً يخرج لنا يوميًا بألفاظ نابية جديدة لم نكن نسمعها أو نعرفها، تطور ملحوظ ودخول في عمق البذاءة أكثر بكثير من الأجيال السابقة، وتداولها بين كل الشرائح الاجتماعية ولم يعد هذا مقتصرًا على الأسر المعروفة بقلة التربية.
لا بد لنا من وقفة جادة لمعرفة الأسباب الكامنة وراء انتشار هذه الألفاظ، والأشد صعوبة فيها أن كثيرا من متلفظيها يحملون في قلوبهم غلاً شديدًا يوحي بأن قائلها يحمل ثأرًا شخصيًا ضد الشخص المتلفظ عليه، مع أنه وفي حالات كثيرة قد لا يعرفه.
الجانب الآخر من الألفاظ النابية المنتشرة هذه الأيام، هو تداولها من جانب المزاح ولإثارة الضحك، واعتقاد أن الشخص صاحب الألفاظ النابية هو خفيف الظل ومرح وبذلك هو قادر على جمع عدد كبير من الأصدقاء والمعجبين والمتابعين لصفحته أو قناته، هذه الألفاظ تملك شق السخرية من الآخر سواء في خلقته التي خلقها الله -عز وجل- عليها وهو غير مسؤول عنها، أو السخرية من الآراء وتحويرها والكذب فيها أو المبالغة، ومن المؤسف أن بعضهم يتداول ويتصرف في كل السلوكيات والألفاظ المُحرمة، مع ذلك يعتقد أنه متدين!
لن أضع كل اللوم على الأسرة، فهي بلا شك البذرة الأولى التي تؤسس سلوكيات كل شخص، إنما هناك مؤثرات خارجية باتت أقوى في بعض الأحيان، وتربية أخرى يتلقاها الشباب خصوصًا في سن المراهقة قد تجعل الأسرة عاجزة عن إيقافها، أو قد يظهر الشاب بشخصية مزدوجة، واحدة مثالية أمام والديه، وأخرى ساقطة عند مجتمعه وفي مواقع التواصل الاجتماعي.
قلوب شباب اليوم لم تعد صافية، يترجم هذا الاستنتاج تصرفاتهم وألفاظهم، قلوب أصحاب الألفاظ النابية محتقنة بالعنف ومعبأة بالكره والضغينة، فالعنف ليس بالضرورة أن يظهر على هيئة سلوك يتمثل في مد اليد والضرب أو محاولة الصدم بالسيارة أو قطع إشارة المرور، ولأن هذه السلوكيات العنيفة قد تُكلف من يقوم بها سجن أو عقوبة، لذا استسهل الشباب العنف اللفظي.
والسؤال هنا: هل أصبحنا مجتمعا محتقنا بالعنف اللفظي والكلمات النابية؟ افتحوا تويتر وسناب شات وستجدون الإجابة!