سمر المقرن
قد تحتمل صوت بوق السيارة في أي مكان إلا أن ترتفع وتيرة أبواق السيارات عند المستشفيات. هذا المشهد بات يتكرر دون أدنى شعور بأن هذا المستشفى فيه مرضى بحاجة إلى الهدوء.
لو عدنا بالذاكرة عشر سنوات وأكثر سنتذكر أن استخدام أبواق السيارات كان نادرًا جدًا. كان الناس أكثر هدوءًا وأدبًا واحترامًا في الشوارع. بدأنا للأسف نفقد كثيراً من الأخلاقيات التي يجب أن يتحلى الناس بها في الشوارع والأماكن العامة. صار كل شخص يركب سيارته وهو يعتقد أنه الوحيد الذي يعبر الشارع، بل إن بعضهم يظن أن الشارع ملك له وحده. هذه السلوكيات السلبية وزيادة انتشارها بحاجة إلى حملة مرورية، تحد منها وتوقفها، وخصوصًا عند المستشفيات؛ ليستعيد هؤلاء الناس بعض المفاهيم المفقودة من أهمية مراعاة مشاعر الآخرين، إضافة إلى حقوق المرضى التي من أبسطها عدم إزعاجهم، وأن ينعموا بالهدوء والراحة. بلا شك أن وزارة الصحة معنية بهذا الأمر، ومن المهم أن يكون هناك تنسيق بينها وبين إدارة المرور للحد من أصوات أبواق السيارات المزعجة عند المستشفيات.
أتوقَّع لو علمت شركات تصنيع السيارات بسوء استخدامنا الأبواق لأوقفت خاصيته من السيارات التي يتم تصديرها لنا. وقد يكون هذا أحد الحلول إن لم يتمكن المرور من مكافحة هذه الآفة المزعجة بشكل عام وفي كل مكان، التي قد يترتب عليها حوادث بسبب الارتباك الذي يعتلي السائق بسبب أصوات الأبواق المرتفعة.
سلوكيات الناس في الشوارع والأماكن العامة وأثناء قيادة السيارة مؤشر على مدى وعي المجتمع ورقيّه. وأسلوب قيادة السيارة إحدى أهم الدلائل على مستوى تحضر الشخص. هذا في حال كان يُمثل نفسه بالشارع، أما أن يكون معظم الناس بنفس الأسلوب والطريقة التي تتم بها قيادة السيارة فهذا يعطينا مؤشراً اجتماعياً عاماً؛ يحتاج إلى مراجعة وحلول عاجلة، تعيد التوازن إلى الشارع، وتخلق لدينا هيبة لجهاز المرور الذي ما زال بعيدًا عن مشاكل الشارع اليومية، وعن احتياجاته وإعادة تشكيل سلوكياته.
أيضًا، من ملاحظاتي على أبواق السيارات أننا كنّا في السابق، قبل عشر سنوات وأكثر، يخجل الناس من استخدامها ليلاً؛ فمن بعد صلاة المغرب لا نسمع مثل هذه الأصوات. بينما في الوقت الحالي صارت منتشرة على مدار الساعة، ولم يعد أمرًا غريبًا أن تسمع أبواق السيارات في أواخر الليل!
بالمقارنة بين الماضي غير البعيد والحاضر أتصور أنه بدلاً من أن يأتي أجيال جديدة أكثر تعليمًا ووعيًا وثقافة نجد أننا في تراجع سلوكي وأخلاقي. وهذا نقيسه بجولة سريعة على الشوارع، ورؤية الحركة المرورية التي تعيش خلالها كل سيارة في ملكوت وحدها. إنَّ الخوف من ظهور أزمة أخلاقية، تتمثل في السلوكيات التي تُبرز الأنانية، وما يترتب على هذا من مشاكل لا أول لها ولا آخر، سواء في الشوارع أو في الأماكن العامة.
جهاز المرور يجب أن يعود إلى الشارع، يجب أن يعيد مخططاته وحملاته بالنظر إلى احتياجات الشارع والمجتمع. بقاء الفوضى المرورية وعدم ترشيد استخدام أبواق السيارات داء بدأ يستفحل؛ ويحتاج إلى دواء عاجل، تشترك فيه كل مؤسسات المجتمع تحت قيادة إدارة المرور.