جاسر عبد العزيز الجاسر
من حق أنجلينا جولي أن تغضب من التجاهل الدولي للسوريين، فالسوريون وقعوا في شراك حبال المصالح الدولية، ولم ينالوا من هذا المجتمع الغارق في تقاسم الغنائم إلا الألم والتجاهل لمأساة حولتهم إلى طعام للأسماك في البحر الأبيض المتوسط، وإلى بضائع يتاجر بها من نزعت من قلوبهم الرحمة، فاللاجئ السوري يباع ويشترى ويتنقل بين ثلاث قارات من آسيا إلى إفريقيا محاولاً الوصول إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، ويتلقف سماسرة طالبي الهجرة رغبة الأسر السورية في الوصول إلى مكان آمن بعد أن تحول بشار الأسد وعصابات وعملاء ولاية الفقيه من المليشيات الطائفية والمرتزقة الذين جندهم نظام ملالي ايران لقتل الشعب السوري، ولذا فإن العوائل السورية تتعامل مع عروض السماسرة وادعائهم بإيصالهم بسلام إلى احدى الدول الأوروبية بفرح وسرور، ويقدمون كل ما يملكون من مال بل وحتى يستدينون من أجل الهروب من جحيم بشار والطائفيين الذين يساندون حكمه، إلا أن أحلامهم وآمالهم تدفن معهم في أعماق البحر الأبيض المتوسط.
سعي السوريين للنجاة من جحيم بشار الأسد حولهم إلى ورقة مساومة سياسية رخيصة لدى أحد الأطراف الليبية، وبالتحديد تلك التي تسيطر على طرابلس وجزء من سواحل ليبيا، إذ تخصصت عصابة يقودها إريتري وإثيوبي تحت حماية المليشيات الليبية في تنظيم رحلات بحرية غير قانونية وغير آمنة بتاتاً، وترسل المئات من الأسر السورية إلى الساحل الأوروبي، مع إرسال رسائل سياسية إلى الدول الأوروبية وبالذات ايطاليا واليونان ومالطة تفيد بأن الطرف الليبي المعني سيتدخل لوقف هذه الهجرة غير القانونية إذا ما عملت هذه الدول الثلاث على تكثيف الدعم السياسي لهم، واقناع الاتحاد الأوروبي بالوقوف معهم.
استغلال رخيص لمأساة السوريين الذين غرق منهم في اسبوع واحد أكثر من ألفي شخص، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء.
هذه صورة مأساوية من الصور التي تشهدها الأراضي السورية والتي أصبحت مسرحاً لكل أنواع الجرائم التي ترتكبها المليشيات الطائفية التي أخذت تجند مرتزقة أفغان وشيشان، بعد أن تجندهم في ايران وتخضعهم إلى دورات تدريبية سريعة، والمرتزقة الأفغان أصبحوا الأكثر عدداً في الآونة الأخيرة لأن المخابرات العائدة للحرس الثوري في ايران وجدت في اللاجئين الأفغان المقيمين في ايران مخزوناً بشرياً كبيراً لتجنيدهم للقتال في المليشيات الطائفية في سورية مقابل أجور زهيدة وتأمين المأكل والملبس لهم، ولأسرهم المحتجزين في مخيمات غرب إيران.
أما الشيشان فهم مرتزقة بمعنى الكلمة لأنهم يقاتلون مقابل مبالغ متفق عليها، وهم يعتبرون ذلك عملاً احترافياً ولا يوجد في قاموسهم رحمة أو أخلاق، المهم عمل يدر دخلاً بعد أن سدت السبل عليهم من العودة إلى الشيشان بسبب ماضيهم.
هذا هو حال الشعب السوري، ممارسات القتل التي تمارسها المليشيات الطائفية ومرتزقتها، وسماسرة الهجرة السرية، وبعد أن تخلت الأسرة الدولية عنهم لم يبق عندهم خيار سوى التوجه للبحر للموت غرقاً أو البقاء لمواجهة الموت قتلاً.