جاسر عبد العزيز الجاسر
سيهلّل الحوثيون وجماعة علي صالح وجوقة الإعلام التي تتبنى خطهم السائر خلف قطيع ولاية الفقيه في بيروت ودمشق وبغداد وطهران وحتى في بعض الزوايا في اليمن.
سيهلّلون بأن وقف عاصفة الحزم انتصار لهم، وأنهم صمدوا طوال أربعة أسابيع رغم غارات طيران التحالف العربي.
طبعاً (البُركندا الإعلامية) يجيد ممارستها من تمرَّس على الكذب وقلب الحقائق ولهذا لا عجب أن يمتلئ الفضاء الإعلامي بادّعاءات الحوثيين ومن دفعوهم للقيام بما قاموا به من تدمير لليمن والتحرّش بالجيران.
بعيداً عن (بُركندا جوقة الحوثيين) وادّعاءاتهم، وتماشياً مع الوقائع التي تحققت على أرض اليمن، تعد عاصفة الحزم ناجحة بكل المقاييس؛ أهمها ما أوجدته من يقظة عربية أثبت قدرة الدول العربية؛ وبالذات دول الخليج العربية من مواجهة أي غطرسة أو استعلاء من القوى المعادية للعرب، فقد أثبتت عاصفة الحزم أن بإمكان المملكة العربية السعودية ومصر ودولة الإمارات العربية وقطر والكويت والبحرين والسودان والمغرب تشكيل قوة تستطيع صد أي عدوان على أي جزء من الوطن العربي.
القوة العسكرية التي شاركت في عاصفة الحزم لم تشمل كل ما يمتلك العرب من إمكانات عسكرية، فلم يشارك من القوة العربية إلا اليسير، حتى الدول التي تحالفت وأطلقت عاصفة الحزم لم تدخل كل قواتها في المعركة، وبقيت قوات كبيرة أضعاف التي شاركت في عاصفة الحزم خارج العمليات العسكرية، وإن كانت على أهبة الاستعداد، إذ قدَّر الخبراء المتابعون لعمليات عاصفة الحزم أن الطيران الحربي السعودي الذي يمتلك مئات الطيارات الحربية المتطورة جداً لم يشرك في عمليات عاصفة الحزم إلا مائة طائرة حربية، كما لم تشترك أفرع للقوات العسكرية التي ظلت مرابطة في مواقعها التقليدية وتنفيذ مهامها اليومية، وإن كانت مستعدة للمشاركة عندما يُطلب منها كما حصل لقوات الحرس الوطني التي تعد رديفاً مهماً عالي التسليح وعناصره يتمتعون بمهارة قتالية متطورة وعالية بالإضافة إلى عدده الكبير.
ما ذكرناه عن القوات العسكرية السعودية ينطبق أكثر على القوات المصرية التي ركّزت في مشاركتها بعاصفة الحزم على الشق البحري واستطاعت أن تؤمّن وتحمي مضيق باب المندب وتحكم الحصار البحري على الموانئ اليمنية التي كان الإيرانيون يأملون في استعمالها لإيصال الأسلحة للحوثيين وحليفهم علي عبدالله صالح وهو عمل مهم جداً. أيضاً لم تشارك دولة الإمارات العربية المتحدة إلا بجزء يسير من طيرانها الحربي. أما باقي الدول التي قدّمت عدداً من الطائرات الحربية والتي تشكِّل جزءاً يسيراً من القوة العربية الضاربة التي إن اتحدت وتجمّعت تحت قيادة واحدة واعية تستطيع أن تحقق الفارق النوعي والكمي في القوة العسكرية الضاربة، وهذا أحد أهم الدروس التي ساعدت في إنجاح فكرة إنشاء القوة العسكرية العربية الموحّدة التي بدأت أولى جلسات دراسة تشكيلها في القاهرة يوم الأربعاء الماضي.
رفع الهمة العربية وتحفيز قدراتهم وأهمية اتخاذ العرب قرار بدء الحرب وإيقافها دون إملاءات من الخارج أحد أهم مكتسبات عاصفة الحزم التي حققت الكثير من المنجزات والتي تستحق بحوثاً ومدوّنات للاستفادة منها وتطويرها لتكون بداية الانطلاقة الحقيقية للربيع العربي الذي يورق الأمل لمستقبل زاهر للعرب جميعاً.