د. محمد عبدالله الخازم
ليس هناك اختلاف بأن وزارة الصحة تعاني صعوبات جمة في مهامها بتوفير الخدمات الصحية في كافة أرجاء الوطن، نكرر بأن أهم الاسباب تتمثل في الجانب الإداري بدليل تغيير قيادات الصحة بشكل متسارع بحثاً عن القائد السوبر الذي يستطيع قيادة دفة هذه الوزارة الصعبة والمعقدة. في كل مرة نحاول إصلاح الواقع الصحي بنفس الطريقة، فلم لا نجرب التفكير بطريقة من خارج الصندوق الضيق الذي يركز على وزارة الصحة، كمسؤول عن الفشل ومسؤول عن الحل كذلك؟
أرى بأنه يجب أن التفكير في المشكلة الصحية كمسألة وطنية لا تخص وزارة واحدة، مما يعني أنني أستهدف جهات أعلى من الوزارة لمناقشة فكرة اليوم، كالمجلس الاقتصادي والتنموي الأعلى. حالياً وزارة الصحة مسؤولة عن تقديم حوالي 60% من الخدمات الصحية والبقية يتشارك فيها القطاع الخاص مع القطاعات الحكومية الأخرى. فلم لا يكون الهدف هو تخفيف العبء على وزارة الصحة بزيادة مساهمة القطاعات الأخرى وبالذات العسكرية والتعليمية المتمثلة في الجامعات؟ لنضع هدف زيادة مساهمات القطاعات الصحية بما لا يقل عن 5 أو 6 آلاف سرير، أو عشرة في المائة خلال أربع سنوات.
وزارة الدفاع لديها منظومة من المستشفيات في مختلف المناطق لكن المؤسف أن جميع مستشفياتها في المناطق المختلفة لا تعمل بنفس طاقة وكفاءة مدينتها الطبية في الرياض، بل إن بعض تلك المستشفيات مبانيها ومنشآتها أكبر مما تقدمه من خدمات داخلها. لماذا لا تتحول المستشفيات العسكرية بالطائف والظهران والخميس وجازان وتبوك وغيرها إلى مدن طبية حقيقية لا تقل كما وكيفاً عن مدينتها الطبية بالرياض؟ لماذا لا تؤسس الوزارة مستشفيات عسكرية في مناطق أخرى؟
وزارة الداخلية لديها مستشفى واحد عتيق بالرياض وبقية المناطق لا يوجد لديها سوى مستوصفات حتى مستشفييها بالشرقية ومكة، رغم حداثتهما فإنهما متواضعان كماً وكيفاً. لماذا لا يكون لدى الداخلية منظومة مستشفيات لا تقل عن مستشفاها بالرياض، بدلاً من المستوصفات التي لا تفي بالغرض؟
وزارة الحرس الوطني منذ فترة تعد بمستشفيات جديدة ببعض المناطق، لكنها أيضاً لم تر النور، كما أنها مثل الدفاع بحاجة إلى مدن طبية لا تقل عن حجم مدينتها بالرياض أوجدة.
وزارة التعليم ممثلة في الجامعات، بدأت تأسيس سلسلة مستشفيات تعليمية، ولكن المؤسف هو تعثر تلك المشاريع وتأخرها بشكل كبير، وبعضها متواضع الحجم تم قياس حجمه بناء على حداثة الجامعة وحجمها وليس بناءً على حجم المنطقة واحتياجها. لماذا لا يسرع في تنفيذ تلك المستشفيات لتكون رافداً لمستشفيات الصحة؟
إذا كنت المشكلة في الميزانيات فلنقتطع من ميزانية الصحة الضخمة لدعم تلك الجهات لتنفيذ الخطة الوطنية في هذا الشأن، إما إذا كانت تقصير من إدارات تلك القطاعات فليتم وضع أهداف واضحة لها ومحاسبتها كما يتم محاسبة وزراء الصحة. لنعزل إدارة الجامعة أو الإدارة الصحية التي تتعثر مشاريعها، بما فيها المستشفيات، وتحرم المجتمع من الاستفادة منها. كما حدث مع قيادات وزارة الصحة.
أعتقد أن خطة حاسمة تتبنى الحلول أعلاه، ستصلح وضع القطاع الصحي بنسبة كبيرة وخلال فترة لا تتجاوز الأربع أو الخمس سنوات، المدة الافتراضية لإكمال تلك المشاريع. مثل تلك المشاريع لن تسد حاجة العسكريين والمعلمين ومنسوبي الجامعات فقط، بل ستكون متاحة لبقية المواطنين. المهم أن نعمل على تنفيذ المشاريع وبموازاتها نعمل على الحلول التنظيمية والإدارية التي تسهل عملية التكامل والتنسيق بين مختلف القطاعات الصحية.
أكرر؛ وزارة الصحة غير قادرة، فلننظر للمشكلة الصحية كمسألة وطنية تتجاوزها و لتكن ثقتنا كبيرة في استشعار مختلف الجهات لمسؤولياتها الوطنية في هذا الشأن.