د. محمد عبدالله العوين
سيتبادر إلى خاطر أي عاقل سؤال بادئ ذي بدأ وهو يرى حسن نصر الله الزعيم المناضل المقاوم الذي سحق إسرائيل وردها خائبة إلى حدود تل أبيب حاسرة كسيرة مهزومة تتطلب منه العفو والصفح وتعلن له الولاء والطاعة؛ سيتبادر لذهن أي متابع لهذا الرغاي الذي كاد أن يخرج من ثيابه وهو يتحدث عن اليمن أن يتساءل: طيب وما شأنك باليمن؟! ما الذي يدفعك إلى أن تتحدث عن اليمن وأنت تكاد تتمزق وينفك شدقاك وتستلقي على قفاك وتقفز عمامتك السوداء وتزبد وترعد وكأن قيامتك قامت أو أن الساعة الموعودة للعالم قد حلت..؟.
ما الذي حشرك حشراً ودفعك دفعا إلى الحديث عن قضية لا ناقة لك فيها ولا جمل ولم تعرفها ولم تزرها ولم تدر أين هي مدنها ولا قراها ولا قبائلها ولا أهلوها؛ إلا ما نقله إليك نقلا أخدانك المشترون المغرر بهم في المذهب أتباعك في الطائفة، وهم نزر قليلون لا يمثلون من شعب اليمن إلا كما يمثل الرقم 2 من المائة أو أقل.
كيف تتحدث بهذا الاندفاع الأهوج والحماسة المحمومة وكأنك تدافع عن بيت لك مصادر أو ثروة لك مسروقة أو عرض لك منتهك؟!.
ما شأنك أو شأن إيران باليمن وأنت تبعد عنه بأكثر من أربعة آلاف كم وإيران بأكثر من ستة أو سبعة آلاف كم؟!.
ما الذي جعلك تتذكر اليمن اليوم، وكنت لا تأتي له بذكر ولا تعرج عليه في سيرة منذ أن نشأ حزبك المشئوم 1982م إلى أن بدأت عاصفة الحزم الباسلة تدك أوكار الحوثيين أخدانك في العمالة لإيران؟!.
كيف تذكرت فجأة أن ثمة شعباً ضعيفاً فقيراً في اليمن يحتاج منك إلى أن تنقذه وأن تمد له يد المساعدة وكنت وكانت سيدتك إيران لا تتذكران أبداً هذا الشعب الفقير المحتاج للمساعدة طوال ثلاثة عقود مضت؛ إلا ما كان يصل من مساعدات ومعونات على شكل صواريخ وذخيرة ومتفجرات وقاذفات وتدريب في طهران والبقاع لزمر من أخدانك في الطائفة الحوثيية المشتراة؛ لتفجير اليمن وإشعال الحرب الأهلية فيه وضمه إلى خارطة الإمبراطورية الفارسية لتكتمل الدائرة النارية الملتهبة التي تلف شبه الجزيرة العربية؟!.
أين أنت أو أين إيران طوال ثلاثة عقود عن اليمن؟! والمملكة العربية السعودية أنشأت لبناء اليمن ولتنميته ونهضته «مجلس التنسيق السعودي اليمني» على أعلى مستوى، ورصدت له آلاف المليارات وتولى هذا المجلس إنشاء بنية تحتية في اليمن كله من شماله إلى جنوبه قبل الوحدة 1994م وبعدها، من طرق وآبار ومد مياه ومدارس ومستشفيات ومطارات وسدود وغيرها.
لم تستخدم المملكة العربية السعودية ثروتها التي أنعم الله بها عليها إلا في سبيل الخير لأبنائها ولشعوب العالمين العربي والإسلامي؛ لم تبن مليشيات ولا كونت جيوشا ولا أللت أحزابًا وعسكرتها ولا سلحت قبائل ودربتها ولا أمدت عصابات وتبنتها؛ لا في لبنان بلدك الذي بعته وتخليت عنه ورميت به في الحضن الفارسي، ولا في اليمن الذي تريد أن يحذو حذو لبنان وسوريا والعراق أسيراً للهيمنة الإيرانية؛ لقد أوقفت المملكة الحرب الأهلية في لبنان بمؤتمر الطائف التاريخي 1989م بعد حرب أهلية طاحنة دامت خمسة عشر عاماً، وأنفقت المليارات لإعماره وتنميته وأوكلت إلى رفيق الحريري رئيس الوزراء آنذاك النهوض بمهمة بناء لبنان من جديد؛ ولكنكم قتلتموه، أنت وبشار وسيدتكم إيران، كلكم شركاء في جريمة قتله؛ لإيقاف دفق البناء والتنمية والسلام في لبنان؛ ولم تقتلوه هو فحسب؛ بل قبله وبعده آلاف الضحايا والشهداء من خيرة رجال لبنان، المملكة تعمر وأنتم تدمرون، المملكة تبعث النماء والحياة وأنتم ترسلون الفقر والموت، وهكذا هو حال أي بلد تمسه الروح الإيرانية النجسة أو أحد وكلائها كما أنت، لا تطأه قدم فارسية إلا ويحل فيه الخراب والدمار والموت، وهو المآل الذي كنتم تريدون أن تأخذوا اليمن إليه كما أخذتم من قبله سوريا والعراق ولبنان؛ ولكن عاصفة الحزم الباسلة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك المظفر سلمان بن عبدالعزيز جعلتك تكاد تلفظ أنفاسك الأخيرة في خطابك الذي ألقيته إنابة عمن أردتم أن يكون «سيدا» لشبه الجزيرة العربية النافق عبد الملك الحوثي الذي شبع موتا أو عجزا.
عصفت بك العاصفة حتى ذهلت ولم تعد تدرك ما تقول، وحتى عدت إلى التاريخ تزوره وتتلاعب بأحداثه وتخلط أوراقه؛ ولكننا نعلم علم اليقين أنها صيحتك الأخيرة التي تسبق الصمت الأبدي الطويل!.