د. أحمد الفراج
أوقف المناضل السعودي المزيف الذي يقتفي أثر « جيفارا «، سيارته الفارهة قرب استراحة صديقه الفخمة، ودلف إلى داخل الاستراحة، وبعد أن انتفخ بطنه من المفطح، والرز، وملحقاتهما من أطايب الطعام، بدأ ينتقد الحكومة، ويمدح هذا البلد وذاك، ثم دلف على كتابات وتصريحات نظرائه من المناضلين «المترفين»، ويمدح أداءهم، فهذا ينتقد وزارة التعليم، وذاك يطعن في قواتنا المسلحة، وثالث يقسم بالله أن مطارات بنجلاديش أفضل من مطاراتنا، ورابع يشتم مواطنا مخلصا، لا لشيء، إلا لأن ذلك المواطن أشاد بإحدى الدوائر الحكومية، فالمناضل السعودي المترف لا يحتمل أن يسمع مدحا في أي شيء له علاقة بوطنه، ومن يفعل ذلك فهو «مطبل» و «بوق»، وهي الصفات التي يطلقها مناضلو» الفخامة « على كل من يتجرأ على الإشادة « الصادقة « بأي خطوة وطنية إيجابية!.
هؤلاء المناضلون المترفون متناقضون حد الجنون، ففي الوقت الذي يهاجمون الوطن، ورجالاته، ويمتعضون عندما يشيد أحد بالوطن، تجدهم يهيمون مدحا في بلدان أخرى، وسياسيون أجانب، ويعيروننا بهم، ولا زلنا نضحك على المطفوق «الذي شجب زيارة وفد روسي للمملكة، بحجة أن روسيا تدعم بشار الأسد، ثم بعد ذلك بأيام فقط، أشاد بزيارة سياسي عربي ومسلم لروسيا !!، وعندما ضحك عليه الناس، قال :» إنكم تتعاملون مع تعقيدات السياسة بسذاجة مفرطة «، فتعقيدات السياسة التي يفهمها هو، هي أن تنتقد، بل وتشتم كل ما له علاقة بوطنك، وتشيد بكل ما هو خارج الحدود، من باب النكاية بوطنك، والمناضلون المترفون يتخذون أشكالا عدة، ولكل منهم حكايته، ويتزعمهم من كان يحلم بمنصب «وزير»، ثم، وبعد أن تيقن من استحالة حدوث ذلك، قرر الهجوم على رئيس مصر المنتخب، وحليف المملكة في عاصفة الحزم، عبدالفتاح السيسي، بحجة أن السيسي عسكري. هذا، مع أن ذات المناضل يشيد بعسكري كان يحكم «عاصمة النور»، التي تعلم فيها أصول النضال!!.
حسنا، كل واحد من هؤلاء المناضلين المزعومين يملك وظيفة، ويسكن في بيت راق، ويملك هو وأبناؤه عدة سيارات فخمة، واستراحة أو مزرعة، ويدرس أبناؤه في الجامعات، أو في بعثات حكومية، ولا ننسى الاستثمارات، ومع ذلك يصر على النضال ضد بلده «بالباطل»، ولعلي هنا أقترح على الحكومة الموقرة أن تحصر هؤلاء المناضلين، وتبتعثهم إلى بلاد الثورات، مثل ليبيا، أو اليمن، على سبيل المثال، لعلهم يتعلمون هناك معنى «الأمن» و «الأمان» التي يرددها شيباننا دوما، ثم لعلهم إذا فقدوا أطايب الطعام، والفرش الوثيرة يقدرون النعمة التي هم فيها، وقد يقول قائلهم: إنك أيها الكاتب تهتم بالماديات على حساب الحقوق التي نناضل في سبيلها!!، فنحن لا تهمنا مثل هذه الأمور، وهنا سأقول لهم: «كذبتم ورب الكعبة، فمعظمكم أثرياء، وجل همكم هو الترف بكل أشكاله، من مسكن ومركب وملبس، ونقطة ضعفكم هذه هي التي نفذ منها من يشجعكم على شتم بلادكم ومدح غيرها، فتوقفوا عن التضليل»، وحتى تحين ساعة ابتعاثكم أيها المناضلون المترفون، اعملوا ما شئتم، ولكن دعونا وشأننا، فلن نتوقف عن الإشادة بكل ما نعتقد أنه أمر إيجابي، ولئن كنتم تعيروننا بالتطبيل، فسجلوا عندكم: « نعم.. أنا بوق.. نعم.. أنا مطبل لبلادي، ومن لا يعجبه ذلك فليشرب كل مياه البحار المالحة ويلحق بها مياه المحيطات «، فهل تسمعون يا مناضلي الغفلة؟!!.