م .عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. كان أحد أعظم القرارات التنموية إنشاء صندوق التنمية العقاري.. فهذا الصندوق وفر للمجتمع السعودي حلاً فورياً لقضية أساسية كان يمكن أن يعاني منها وتعيق تقدّمه.. فمع بدايات طفرة البترول في منتصف السبعينيات الميلادية واجهت مدن المملكة فجأة مشكلة تمثّلت في تَضَاعُف أعداد سكانها وبالتالي تضاعُف أحجامها ومساحاتها وتضاعُف احتياجاتها.. فلم يكن النمو في بلادنا خلال النصف الثاني من السبعينيات نمواً طبيعياً، بل نمواً انفجارياً فاستقدم لمواجهته خمسة ملايين في بلد لم يتجاوز تعداده في ذلك الحين ثمانية ملايين.. فكان إنشاء صندوق التنمية العقاري حلاً سحرياً أنقذ البلاد والعباد وسَهَّل حركة انتقالهم من حالة إلى حالة كان يجب أن يقطعها قافزاً.. فلا مكان ولا زمان للتمهل، بل الركض في مسار التنمية.. كان يمكن أن تواجه البلاد أزمة إسكان خانقة تؤثّر على مسيرة حياة الأسرة التي نعمت بالرفاه منذ ذلك الحين وحققت نسبة نمو سكاني عالية قفزت بتعداد المملكة من ثمانية ملايين إلى قرابة ثلاثين مليوناً خلال أربعين سنة.
2. لقد ضاع حتى الآن من عمر الإسكان ثمان سنوات بين هيئة ووزارة والنتيجة هزيلة جداً.. لذلك نأمل من الوزير الجديد المكلّف للإسكان أن يضع حداً لصراع الوزارة مع عناصر السوق العقارية.. نتمنى عليه استبدال الصراع بالتفاهم والتعاون والتكامل انطلاقاً من إستراتيجية «تعديد المنافع» بحيث نحقق أكثر من هداف إستراتيجي تزامناً مع حل المشكلة الإسكانية.
3. إن تحقيق التوازن بين المسْتَثْمِر المنتج وبين الفرد المستَهْلِك من خلال الأنظمة والتشريعات والإجراءات المنظمة والمطورة والحامية لكافة الأطراف دون تغليب مصلحة طرف على آخر بما يحقق مصلحة الوطن بالمحصلة هو المطلوب.. والسوق العقارية التي يشكل الإسكان منها نسبة (70%) ليست استثناءً من تلك القاعدة.. فالسوق العقارية هي الثانية بعد النفط من حيث الحجم.. وهي المحركة للأموال بين كافة القطاعات.. وهي قاعدة الاقتصاد الرأسمالي اليوم.. وعلينا التعامل معها من خلال إستراتيجيات يصوغها خبراء بعد دراسات وورش عمل وتحليل عميق لتفاصيل السوق العقارية السعودية والتشخيص السليم بعيداً عن الانطباعات والأهواء الشخصية والقرارات الارتجالية.
4. والحقيقة أنه قبل تصادم وزارة الإسكان وتصارعها مع العقاريين واتهامهم برفع الأسعار كانت السوق فاعلة تُنْتِج المساكن بشكل كبير.. والبنوك نشطة تقوم بالتمويل الإسكاني بشكل مؤثّر.. فجاءت وزارة الإسكان وقتلت كل ذلك بسبب قرارات غير مدروسة وتوقف السوق.. ولذلك فإن الكل يتطلع إلى أن يعود السوق لدوره بالتصدي للقضية الإسكانية.