د. عبدالواحد الحميد
قضيت أوقاتاً طيبة سعيدة في معرض الكتاب، وحصلت على بعض الكتب التي لا أجدها عادةً في المكتبات التجارية بالمملكة، والتقيت بالعديد من الأصدقاء والزملاء والكُتَّاب ممن أعرف سابقاً وممن لا أعرف إلا من بعيد.
ويبدو جهد الجهات المنظِّمة واضحاً رغم بعض مظاهر القصور، وهذا أمر طبيعي.. ولكن، من المؤسف أن بعض هذه المظاهر تكرر مراراً منذ انطلاق المعرض في دورته الأولى!.. هذه المظاهر المتكررة بحاجة إلى معالجة حاسمة تستفيد من التجارب المتراكمة، ومنها ما حدث من تدخلات من يسمون أنفسهم بالمحتسبين الذين دافعوا عن أعمال تنظيم داعش في تخريب الآثار والمتاحف في العراق أثناء الندوة التي شارك فيها الدكتور معجب الزهراني على مرأى ومسمع من ضيوف ورواد المعرض السعوديين وغير السعوديين.. وهنا، لا بد من وقفة جادة ونهائية مع هؤلاء الأشخاص الذين يقدمون حججاً مجانية لمن يتهمون بلادنا بدعم التنظيمات الإرهابية ويرسّخون صورة الانغلاق والتشدد.. وقد تبادلتُ الحديث مع بعض رواد المعرض غير السعوديين وبعض العاملين في دور النشر العربية، فوجدت لدى بعضهم مثل هذا الانطباع المؤسف، وهذه خسارة إعلامية لأن بعضهم كُتَّاب ومثقفون، وقد ينقلون انطباعاتهم تلك إلى قرَّائهم وجلسائهم في البلدان التي قدموا منها!
ومن الإشكالات المتكررة أيضاً ذلك الارتفاع الباهظ في أسعار الكتب!.. إنني أعلم أن العثور على كتاب قيِّم لا يُقدَّر بثمن، ولكن لماذا ندفع أكثر مما يتعيّن علينا دفعه لمجرد الابتزاز من بعض الناشرين، ونحن نعلم أن معارض الكتاب هي في العادة فرصة لشراء كتب بأسعار معقولة وليست مكاناً يتنافس فيه الناشرون على سلب ما في الجيوب تحت إغراء العناوين وتلهف عشاق الكتب على اقتنائها؟.. إنني لا أتحدث عن فروق بسيطة في الأسعار بين ما هو معروض في معرض الكتاب، وبين ما قد نجده في مكتباتنا التجارية هنا في المملكة، فقد وقفتُ على حالات يتجاوز فيها الفرق الضِّعف!.. وهذه ليست اتهامات مرسلة، ويمكن تزويد إدارة المعرض بأمثلة إذا هي رغبت في ذلك.
أخيراً، أود التأكيد على أن كل ما ذكرته أعلاه أعتبره هامشياً بالقياس إلى النجاح الكبير الذي يحققه المعرض والفائدة العظيمة التي يجنيها عشاق الكتب، فهذه المناسبة الثقافية السنوية هي تظاهرة ثقافية ننتظرها بلهفة كل عام، وقد استطاع معرض الرياض الدولي للكتاب أن يسجل لنفسه حضوراً بارزاً بين معارض الكتب في العالم العربي، وقد يكون هو الأبرز لو تخلصنا من بعض الهنات الصغيرة، فشكراً للإخوة والأخوات في وزارة الثقافة والإعلام وفي كل الجهات المشاركة على جهودهم.