د. عبدالواحد الحميد
يهمنا في المملكة متابعة الشأن الاقتصادي في مصر الشقيقة ليس فقط لأن مصر دولة عربية ذات ثقل بالغ ولكن أيضاً لأن للسعوديين استثمارات كبيرة فيها تواجه في الوقت الحاضر بعض الصعوبات التي قد تنعكس سلباً على مستقبل الاستثمار السعودي في مصر.
فمن المعروف أن مصر سعت على مدى السنوات الماضية إلى استقطاب الاستثمارات الأجنبية عن طريق تحسين بيئة الاستثمار المحلية التي تجذب رؤوس الأموال الأجنبية في عالم تتنافس فيه الحكومات على تسهيل وتبسيط الأنظمة والإجراءات التي تشجع رأس المال الأجنبي على الانسياب إليها بكل يسر وذلك للإسهام في تحريك الآلة الاقتصادية ورفع معدلات النمو وخلق مصادر جديدة للدخل وتوظيف المواطنين في تلك الدول.
وعندما يتوجه رأس المال الأجنبي إلى أي بلد فإن هدفه الرئيس هو تحقيق الربح والفائدة للمستثمر وللبلد المضيف في آن واحد. وهذا الهدف واقعي ويمكن تحقيقه، وقد حققته بلدان كثيرة، ومنها الدول الآسيوية التي استقطبت رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية التي جلبت معها التقنية والخبرة الإدارية والوظائف، بالإضافة إلى رأس المال الذي تكون تلك البلدان بأمس الحاجة إليه وبخاصة البلدان التي تنخفض فيها معدلات الإدخار المحلية.
وتزداد رغبة المستثمرين في الاستثمار في بلد معين عندما تنخفض درجة المخاطرة في ذلك البلد وتكون الأنظمة واضحة والإدارة الحكومية شفافة وبعيدة عن الفساد. فرأس المال الذي يوصف عادة بأنه جبان يمكن وصفه أيضا وربما بدرجة أكثر دقة بأنه يقظ وذو فراسة ويتحلى بشجاعة كبيرة في الدخول في شراكات مع الأطراف المختلفة عندما يستكمل حسابات الجدوى الاقتصادية ويجد أنها واعدة حقاً.
وقد نقلت جريدة الاقتصادية السعودية مؤخراً عن مستثمرين سعوديين أن البورصة المصرية تمنع السعوديين من نقل أموالهم إلى الخارج وأن «أغلب ما حققه السعوديون من أرباح ظل حبيساً في مصر، إذ منعت الجهات المصرية المسؤولة تحويل أي مبالغ يملكها مستثمرون إلى الخارج، خصوصاً الاستثمارات المسجلة بالدولار».
إن بعض الدول تتخذ إجراءات من هذا النوع لأنها ترى أنها تحقق الصالح العام، ولكن في الغالب تكون آثارها سلبية ومدمرة في المدى البعيد حتى لو حققت منافع في المدى القصير. فالمستثمر الأجنبي يعلم أن أرض الله واسعة وأنه يستطيع أن يستثمر في اي مكان وفق أنظمة معروفة سلفاً وليست عُرضة للتغيرات المفاجئة. وإذا كانت هناك ملاحظات على الاستثمارات السعودية في مصر فإنه ربما يكون من الأجدى النظر سريعاً في أي خلافات وحلها بما يحفظ مصالح مصر ولا يبخس حقوق المستثمرين السعوديين الذين اختاروا مصر كي تكون مقراً لاستثمارتهم، فهذا وحده هو الذي سوف يشجع المستثمرين السعوديين على زيادة حجم استثماراتهم في مصر والمشاركة في دفع عجلة الاقتصاد المصري إلى الأمام.
نقول ذلك ليس فقط بدافع حفظ المصالح السعودية، ولكن أيضاً بدافع المحبة الكبيرة لمصر الشقيقة وما نعتقد أنه يحقق مصالحها المستديمة وليس الوقتية.