د. عبدالواحد الحميد
بكلمات واضحة أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في خطابه الأخير للمواطنين على جملة من الثوابت والمسارات للمرحلة القادمة.. ومِن ذلك تأكيده على الآتي:
«إنَّ كل مواطن في بلادنا وكل جزء من أجزاء وطننا الغالي هو محل اهتمامي ورعايتي، فلا فرق بين مواطن وآخر، ولا بين منطقة وأخرى، وأتطلع إلى إسهام الجميع في خدمة الوطن، ولقد وجهت سمو وزير الداخلية بالتأكيد على أمراء المناطق باستقبال المواطنين والاستماع لهم ورفع ما قد يبدونه من أفكار ومقترحات تخدم الوطن والمواطن، وتوفر أسباب الراحة لهم».
«نؤكد حرصنا على التصدي لأسباب الاختلاف ودواعي الفرقة، والقضاء على كل ما من شأنه تصنيف المجتمع بما يضر بالوحدة الوطنية، فأبناء الوطن متساوون في الحقوق والواجبات».
هذه الكلمات هي رسالة واضحة لكل مسؤول في الدولة ولكل مشارك في صنع القرار أو منفذٍ له ولكل فاعل في تشكيل الرأي العام أن الوحدة الوطنية هي خط أحمر لا يمكن السماح لأحد باختراقه، فأبناء الوطن متساوون في الحقوق والواجبات ولا فرق بين مواطن وآخر ولا بين منطقة وأخرى، وأن من يشعلون نيران الفتنة عن طريق تصنيف المجتمع وتأجيج الصراعات الاجتماعية، ومن يتعاملون بفوقية مع غيرهم من خلال انتزاع أدوار متوهمة لأنفسهم يظنون أنها تمنحهم الحصانة لكي يبثوا البغضاء والفرقة بين أبناء المجتمع الواحد؛ هؤلاء جميعاً لا مكان لهم بيننا في دولة عصرية تجمع بين تطبيق الشريعة الإسلامية الغراء ومفاهيم الحداثة في تناسق يرسّخ الهوية الوطنية ويُؤكد في الوقت ذاته على تعايشنا مع الآخرين ومواكبتنا لمستجدات الزمن الحاضر من الاختراعات والتطورات.
هذه المفاهيم أكد عليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بقوله: «إن التطوير سمة لازمة للدولة منذ أيام المؤسس - رحمه الله - وسوف يستمر التحديث وفقاً لما يشهده مجتمعنا من تقدم وبما يتفق مع ثوابتنا الدينية وقيمنا الاجتماعية، ويحفظ الحقوق لكافة فئات المجتمع»، وكذلك سعيه «المتواصل نحو التنمية الشاملة المتكاملة والمتوازنة في مناطق المملكة كافة، والعدالة لجميع المواطنين، وإتاحة المجال لهم لتحقيق تطلعاتهم وأمانيهم المشروعة في إطار نظم الدولة وإجراءاتها».
خطاب الملك سلمان هو برنامج عمل متوازن وحصيف، ندعو الله أن يوفقه وأن يأخذ بيده لتطبيقه في هذا الوطن العزيز الذي تشرئب إليه أعناق المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها والذي تتجسَّد فيه معاني القدوة للمسلمين بما يحتضنه من مقدسات اختصه الله بها كمهبط للوحي وانبعاث الدعوة المحمدية.