ناصر الصِرامي
بعد سير أول إنسان على سطح القمر في فتح علمي مذهل، ظهرت العديد من التحليلات حينها أو نظرية المؤامرة التي تشكك في صحة هذه الرحلة وان الإنسان بالفعل لم يهبط على القمر، وأن الصور والفيديوهات تم انتاجها في استديوهات أرضية هليودية!
وأن وكالة ناسا وغيرها ضللوا الجمهور بالاعتقاد بحدوث الهبوط، من خلال الفبركة، وتدمير الأدلة.
وأظهرت استطلاعات الرأي وقتها بأن 20% في المائة من الشعب الأمريكي لا زال يؤمن بأن وصول الإنسان إلى القمر أكذوبة كبيرة. وفي عام 2001 انتجت شركة فوكس فيلما وثائقيا تحت عنوان: نظرية المؤامرة: هل هبطنا على القمر فعلاً؟
بعض العلماء ردوا على هذه المزاعم. وهو أمر أصبح مفهوما الآن، وإن كانت بعض المواقع - العقول العربية تعيش ذلك الوهم التامري-العلمي حتى الآن!
- عودة ابعد للوراء حول السؤال.. هل الأرض كروية؟
لم تكن الإجابة سهلة، ومن أجلها اخفيت وأحرقتْ كتب ومؤلفات. أُدين مفكرون ولوحق فلكيون وأحرق علماء. يبدو اليوم سؤالاً سخيفاً أو مساحة للسخرية ايضاً، لكنه حينها كان سؤالاً خطراً جداً، شائكاً جداً، تحدد فيه العلاقة بين الحقيقة الدينية والحقيقة الطبيعية.
وفي منتصف القرن العشرين.
بعد إطلاق وكالة الفضاء الروسية- 1957م، القمر الصناعي الأول «سبوتنيك» استطاع الإنسان للمرة الأولى، الحصول على صور واضحة ودقيقة لكوكبه.
قبل أن تصبح رحلات الفضاء أقرب للسياحة!
وقبل ذلك بكثير، كانت نظريتان قد غيرتا العالم: حركة الأجرام السماوية -1514م وإعلان نيوتن نظرية الجاذبية- 1687م، حيث تغيرت العلوم الطبيعية. عكس رغبات الكنيسة وجبروتها وجهلها.
وبينهما وقعت محنة جاليليو الشهيرة. حينها لم يكن أحد ليتوقع أن رسومات الفلكي الإيطالي جاليليو المحظورة عن حركة الكواكب مطابقةً للنموذج الحالي لمدار الكواكب السيارة الصادر عن ناسا. في حين ان معارضيه لم يكونوا يرون أبعد من حدود جمود نصوصهم.
اليوم نحن أمام قصة طريفة ومسلية، تنقلها وسائل الإعلام في كل الدنيا، عن داعية سعودي - بندر الخيبري-، يظهر مؤكداً «بالدليل» أن الأرض ثابتة لا تتحرك، والشمس هي التي تدور حولها في الفضاء!
الغريب بحسب ما لمحه زميلنا -كمال القبيسي - من الصدف « أن ما ذكره الشيخ الخيبري، كان في محاضرة ظهرت تفاصيلها في تاريخ مهم، 15 فبراير، ففيه ولد عالم الفلك الإيطالي غاليليو غاليلي، وهو الذي اخترع أول منظار، وأثبت به أن الأرض ليست مركز الكون، بل تدور كغيرها حول شمس ثابتة، فحاكموه بالهرطقة، لتعارض ما قال مع الإنجيل، وأجبروه على إعلان التوبة مع تهديد بحرقه على الطريقة «الداعشية» وهو حي، فأعلنها وتاب، إلا أنه خرج وهو يهمس: «لكنها تدور».
الداعية والذي ترجمت صحف ومواقع إعلامية بكل لغات العالم تقريباً- اختصر العلم في وعائه الصغير من البلاستك حمله بثقة ليقول لنا، إنه لو كانت الأرض تدور، فبالإمكان السفر من مطار الشارقة إلى الصين بطائرة تبقى ثابتة وتنتظر في الجو مرور الصين تحتها، حين وصولها مع دوران الأرض» أما لو كانت الأرض تدور فلن تستطيع الطائرة أن تصل إلى الصين»!
فالداعية الفذ يعتقد أن الطائرة الثابتة في الجو لا تدور مع الأرض وغلافها الجوي، بل لعله يجهل سرعة الطائرة، وسرعة دوران الأرض...إلخ..
واختم-المتعة- بما ذكره وهو ما بدأت به هذا المقال وهو أن أحداً من رواد الفضاء.. «ما صعدوا إلى القمر، وما شافوا القمر، كله صنعوه في هوليوود ونحن صدقناهم وجرينا خلفهم».
تسويق الجهل على هذا النحو حول آراء الداعية العلمية إلى مجال واسع من السخرية العالمية، سخرية من كل ما يمثله أيضاً..!