معاذ الطيار الأردني الذي صدم العالم بوحشية حرقه بالنار وهو حي في مشهد رعب خيالي وكافر بكل القيم، حيث أعلن تنظيم داعش الإرهابي بنفسه وفي شريط فيديو بعنوان «شفاء الصدور»، تناقلته مواقع متطرفة على شبكة الإنترنت أنه أعدم معاذ الكساسبة بحرقه حياً، بعد أن وضع في قفص حديدي اندلعت فيه النيران، قبل أن يتحول مع النار إلى كتلة لهب واحدة.
إلا أنه ورغم هذا التوحش لا زال البعض يعيد السيرة الأولى، في الإنكار، لتجد من يتحدث عن خدعة هوليودية!، حتى وإن أكدته ونعته قبيلته وعشيرته وعائلته ودولته، لكن لدى العقل العربي الملتبس ليس الأمر مؤكداً وفيه خلاف وأقوال ومؤامرة. ومجدداً مهما يحدث حولنا من زلازل، لا بد أن نبحث عن مؤامرة نتعلق بها، علها تنقذنا من ضعفنا، من جهلنا أو عجزنا، وتجمل تشوهاتنا.
لو عدنا للقاعدة وفعلها المشين في التاريخ الحديث، وضرباتها المتكررة في وطننا السعودية وغيرها من المواقع العربية والإسلامية سنجد التبرير حاضراً، وفكرة المؤمرة متجددة للأسف،كما نجد اليوم مع داعش بكل مكرها وخبثها من يلتمس لها العذر مرة بعد مرة، بينما نحن أمام تنظيمات غنية جداً بإمكاناتها المالية والبشرية، من القاعدة التي اثرت تمويلاً، إلى داعش التى أصبحت غنية بحقول النفط والنفط الرخيص المباع والمهرب لتركيا وغيرها، كما «الجزية»، والإتاوات، والفديات، ثم التبرعات القادمة تحت غطاء الاحتياج السوري، أو دعماً مذهبياً ونحوها، ليصبح هذا التنظيم هو الأغنى بين التنظيمات الإرهابية في التاريخ البشري، ذلك بعضه يجعلها تحقق أبعد من خيال أصحاب المؤامرة أو التحليلات البسيطة ممن يعتقدون أن طريقة إنتاج فيلم حرق الطيار الأردني جزء من صناعة هيوليودية - مثلاً، بنفس الطريقة تقريباً التي اعتقد فيها البعض أن إنزال رجل يمشي على القمر هو صناعة هيوليودية وليست حدثاً علمياً وفتحاً بشرياً!
وفكرة المؤامرة تجعلنا ننسى دائماً قوة هذه التنظيمات الشيطانية في جذب الأموال وتجنيد البشر لخدمة توحشهم، وننسى بشكل مستمر الإرث الثقافي الذي قامت عليه، وخطرهم وحجمهم الحقيقي الذي يتجاوز توقعاتنا البسيطة، والحقيقة أنها جماعات إرهابية متطورة تقنياً وتمويلياً وتنظيمياً، وليست عصابة أو مجموعة بلطجية أو شبيحة في شارع أو حي!
الطيار وقبيلته وقادة العالم ودولته وقفت بحق وصرامة ضد الحادثة الشنيعة، لكن المبررين دائماً لكل حادثة رهيبة خارج الأديان والإنسانية، لم ولن يتوقفوا للأسف حتى وان أصبح الضحايا أقرب لهم ومنهم، فالصدمات الهائلة لم تثن بعض العقول العالقة عن رؤية صورة وحقيقة الخطر، ليصبحوا جزءاً من القصة والجريمة!