إبراهيم عبدالله العمار
في عام 1880م كانت الأميرة التايلندية سوناندا كوماريريتانا تبلغ من العمر تسعة عشر عاماً لما انقلب القارب الذي يحملها على نهر تشاو برايا في طريقه إلى القصر الملكي، وبما أنها لا تعرف السباحة فقد احتاجت مساعدة الناس الذين كانوا على ضفة النهر حولها ورأوها وهي تصارع الغرق، لكن الغريب أنه لا أحد من الناظرين مد يداً ليساعدها! لماذا؟ السبب هو أن المملكة التايلندية آنذاك كانت من شدة احتقارها للشعب تمنع عامة الناس من لمس أي فرد من أفراد العائلة المالكة، ومن يخالف هذا القانون فقد كان مصيره القتل، ولا شك أن الفتاة تمنّت لو أنه لم يكن هناك قانون كهذا وهي تصارع الماء، ولا أظن من وضعوا هذا القانون تخيلوا أنه سيكون هناك موقف مثل هذا، ولعلهم لو كانوا حاضرين لصرخوا بالناس أن ينقذوا ابنتهم، لكن الناس فضلوا الاحتياط، لهذا وقف المتجمهرون ينظرون إليها ولا يستطيعون مساعدتها خوفاً من العقوبة، حتى ماتت غرقاً.
لا بد أن العائلة ندمت على ذلك فيما بعد لما أدركت ما حصل، فقد كان يسعهم أن يتداركوا تلك الوفاة – لو أن الله شاء للفتاة أن تعيش -، وليسوا وحدهم في هذا الندم، فالطاغية الدموي جوزيف ستالين والذي أباد الملايين من الأبرياء (ومنهم مسلمون) ندم على سمعته الرهيبة، فبعد سنين من التدخين تصلّبت الشرايين لديه، وأصيب بنوبة قلبية قبل وفاته بسبع سنين وفي نفس الفترة أتته جلطة خفيفة، وكلما أصيب بتلك الوعكات نادى الطبيب، لكن لم يقدر الديكتاتور أن يفعل هذا في صباح أحد الأيام من عام 1953م، ذلك أن مستشاريه وقادته العسكريين تعودوا أن يروا ستالين وقد استيقظ وقت الفجر ليبدأ يومه، إلا أنه في الصباح لم يخرج، وطال الوقت وستالين ماكث في غرفته، والذي لم يعرفوه أنه أصيب بجلطة قوية جعلته قاب قوسين أو أدنى من الموت، ولو أنهم كان لديهم بعض الحرية لأدركوه ونقلوه للعلاج، لكن ستالين منع أي شخص أن يزعجه أو أن يطرق بابه، ومن خالف ذلك فمصيره معروف طبعاً، فقد كان ستالين يقتل لأتفه سبب، وظل ستالين طريح الأرض لساعات طويلة يقترب من الموت شيئاً فشيئاً، لا يستطيع حتى ان يصيح بصوتٍ عالٍ لمن خارج الغرفة، حتى لما طال الوقت غامر أحد كبار مستشاريه ودلف للغرفة في العاشرة مساءً وإذا بالديكتاتور في ملابس النوم على الأرض بين الحياة والموت، فنُقِل للإسعاف ولم يعش بعدها إلا أياماً.
أناس عاشوا يأمرون وينهون، ثم أماتتهم أوامرهم.