د. أحمد الفراج
قبل أيام، قتل مواطن أمريكي ثلاثة مسلمين، شاب وفتاتان، وكلهم في مقتبل العمر، وذلك في محيط جامعة نورث كارولينا، وهي واحدة من أشهر الجامعات، وأعرقها، وقد سلّم القاتل، الأمريكي الأبيض، نفسه للشرطة، وربما لولا «تويتر» لما علمت، ولما علم غيري عن هذه الحادثة، فقد صم الإعلام الغربي آذانه، وأغمض عيونه عنها، وحتى عندما تناولها ، فإنه تحاشى ذكر كلمة «إرهاب»، وتحاشى وصم المجرم بالإرهابي، وذلك ببساطة شديدة، لأنّ الجريمة تتعلق بمسلمين، إذ يبدو أن هناك عرفاً إعلامياً غربياً غير مكتوب، يشير إلى أن كلمة «إرهاب» خاصة بالحوادث التي يكون الفاعل فيها مسلماً، وأن كلمة «إرهابي» لا يجب أن تطلق على المجرم غير المسلم، مهما كانت شناعة جريمته، وهذه ليست الحادثة الأولى، ولن تكون الأخيرة، والتي تشير لنا إلى الاستنتاج أعلاه.
عندما تم تفجير المبنى الفيدرالي، في مدينة أوكلاهوما، بولاية أوكلاهوما، في ظهيرة ذلك اليوم المشؤوم، من شهر ابريل لعام 1995، كنت حينها أذاكر دروسي في أحد مقاهي مدينة لانسنق، بولاية ميتشجن، وأذكر أن رعباً أصابنا، وذلك عندما أشار المذيعون، والمعلقون، في القنوات الأمريكية، إلى أن تنظيم القاعدة قد يكون هو من قام بهذا العمل الإرهابي، وقد استخدموا كل مصطلحات «الإرهاب»، وبالغ كثير منهم في الحديث عن خطر المسلمين، ثم بعد أن تبيّن أن من قام بهذا العمل الإرهابي هم أعضاء في منظمة مسيحية متطرفة، وعلى رأسهم الشاب الأبيض، تيموثي مكفي، انقلبت لغة الإعلام فجأة، واختفت عبارة « عمل إرهابي «، واستبدلت بأوصاف من شاكلة «العمل الشنيع»، ولم يوصف المجرم تيموثي مكفي ورفاقه بأنهم إرهابيون، بل قيل إنهم متطرفون مسيحيون!!، وهكذا تغيرت لغة الإعلام جذرياً، عندما تبيّن أن الفاعل غير مسلم، مع أن العمل هو ذاته، والذي وصف بالإرهابي، قبل أن تتبيّن الحقائق!!.
ترى هل كان الإعلام الأمريكي، والغربي عموماً سيتجاهل حادثة جامعة نورث كارولينا، لو كان القاتل مسلماً، والمقتولين غير مسلمين ؟!، وهل كان سيصف القاتل بالمجرم، أم سيصفه بأنه إرهابي؟!، وهل سيصف هذا الإعلام الجريمة بأنها حادثة فردية، أم سيعممها على كل مسلم، ولا أظنني بحاجة للإجابة، ولكن يسوؤنا أن تنحدر المهنية في الإعلام الغربي إلى الدرجة التي يخجل معها المواطن الغربي المنصف، فقد ضجت وسائل التواصل الغربية بنقد الإعلام الغربي، ونفاقه، وازدواجية معاييره، لأن التعامل مع حادثة نورث كالورينا «الإرهابية»، والتي كان ضحاياها مسلمون، كانت قشة قاصمة لنفاق الإعلام الغربي، وانحيازه المفضوح، وهو الأمر الذي يسوء مع مرور الزمن، فهل يخجلون؟!!.