لم يكن يوم الخميس قبل الماضي يوماً عادياً، فقد حدثت تغييرات كبرى، وأعيد تشكيل مجلس الوزراء الموقر، ولا يراودنا شك في أن هناك تغييرات أخرى قادمة، فما تم هو تغيير القيادات الأولى، وسيتبعها بالتأكيد تغييرات في الصفوف الثانية والثالثة، وقد أعاد تشكيل مجلس الوزراء الأخير إلى أذهاننا حكومة التكنوقراط التي شكلها الملك الراحل، فهد بن عبدالعزيز، يرحمه الله، في العام 1975، والتي جاءت بالمرحوم غازي القصيبي، رحمه الله، وزملائه، وهي الحكومة التي أعادت الحيوية والشباب إلى مفاصل الدولة، إذ أسست وزارات جديدة، كالصناعة والكهرباء، واتخذ بعض الوزراء أسلوباً عصرياً جديداً في الإدارة لم يكن معهوداً من قبل، كما تم تأسيس شركات عملاقة كسابك، وغير ذلك الكثير مما كان ثورة غيرت في الكثير من المفاهيم.
مجلس الوزراء الجديد، الذي شكله خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، تميز بوجود مجموعة من الشباب، والذين جاء معظمهم من القطاع الخاص، كما تميز بأنه اتخذ معيارا واحدا فقط للاختيار، ألا وهو «الكفاءة»، والكفاءة فقط، دون النظر لأي اعتبارات أخرى، ومن المعلوم أن ثقافة العمل في هذا القطاع تختلف جذريا عن مثيلتها في القطاع الحكومي، لا من حيث روتين العمل، ولا من ناحية الإنتاجية والمخرجات، وبالتالي فإن المتوقع هو أن نشهد ثقافة عمل مختلفة في كثير من القطاعات الحكومية مستقبلا، وهذا أمر جيد، لأن هناك ملفات كثيرة معقدة، وعالقة، ويصعب حلها من خلال بيوقراطية العمل الحكومي، خصوصا في مجالات التعليم، والعمل، والصحة، والمياه، والزراعة، ويتوقع المواطنون الكثير من هؤلاء الوزراء الشباب.
ثمة أمر في غاية الأهمية، وهو أن يدرك الوزراء الجدد، ممن وثق بهم ملك البلاد الجديد، أن اختيارهم هو تكليف حقيقي، بقدر ما هو تشريف، وأنهم محط أنظار ملايين المواطنين، الذين ينتظرون منهم خطط عمل مستقبلية، وحلولاً لمشاكل قائمة، ومن المتوقع أن يكون تطبيق الحكومة الإلكترونية، والتقنية ضمن الأدوات الجديدة لإدارة العمل، كما يتوقع أن نكون دخلنا في زمن «الوزير بلا مشلح»، عدا في المناسبات الرسمية، ويتوقع أيضا أن تتوقف الزيارات التي يقال: إنها «مفاجئة»، وهي غالبا مرتبة، وهدفها «إعلامي بحت»، كما يفترض أن يكون الإعلام أكثر حيادا ومهنية، في تعامله مع أصحاب المعالي، ليكون الإعلام هو «التقرير المؤتمن»، الذي يوصل الصورة الحقيقية لصاحب القرار، وفي النهاية، نحن متفائلون بهؤلاء القادمين الجدد، ونأمل أن يكونوا على قدر التحدي، وعلى قدر تطلعات صاحب القرار، وأبناء شعبه.