هل الخطوات العقابية التي اتخذتها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مؤخراً ضد عدد من منسوبيها، على خلفية ضرب مواطن .. هل هي صحيحة وسليمة؟ فالهيئة تُشكر على المبادرة في سرعة التحقيق، معاقبة منسوبيها، الاعتراف بالخطأ، الإعلان عن القضية مع حيثياتها في وسائل الإعلام مع تحفُّظها على أسماء الأشخاص، لكن هل هو الإجراء الصحيح وهل تغلق ملفات قضايا الهيئة؟.
لهيئة الأمر بالمعروف الدور الحيوي في ضبط جانب من الفساد: الفساد الجنسي بأنواعه، التحرش، الابتزاز، الاعتداء، أيضاً المخدرات وقضاياها، كذلك حالات الضبط الأخلاقي في الأسواق والأحياء السكنية، التراخي الديني والمحافظة على أخلاق وقيم بلادنا التي شرفها الله بخدمة الحرمين الشريفين.ولها أدوار عديدة لا مجال لذكرها، ولكن هل تنتهي القضية بتطبيق العقوبة على منسوبي الجهاز أم يبقى للطرف الثاني المعتدى عليه، إذا لم يرغب بالتصالح، حق رفع القضية للقضاء والمحاكم؟ . أنا هنا لن أخوض في هذه الفقرة القانونية بخاصة إذا تم التصالح بين الأطراف فلا يدخل القضاء . لكن أود لفت أنظار الهيئة لأمرين في غاية الأهمية :
أولاً: تحديد المهام، فالعديد من الجهات لم تحدد مهامها بدقة، ومازال التداخل في المهام بين القطاعات مستمراً، لأن نشأة أجهزة الدولة تقريباً مصدرها وزارات : الداخلية، المالية، البلديات، التربية والتعليم، الشؤون الاجتماعية، ومن هذه الوزارات نشأت الوزارات الخدمية والهيئات والمؤسسات الحكومية، واحتاجت إلى أكثر من (60) سنة لفك اشتباك المهام ومازال الأمر عالقاً لم يتم الفصل بين المهام ومنها الفصل بين الهيئة وباقي أجهزة وزارة الداخلية، وهنا يتطلب تحديد مهام هيئة الأمر بالمعروف بدقة تكون معروفة لجمهر الداخل من المنسوبين، وجمهور الخارج المواطن والمقيم .
ثانياً: الإجراءات التأديبية، اتخذت الهيئة في آخر قضية إجراءات تأديبية وعقابية وفقاً لتحقيقاتها: قرارات نقل لخارج منطقة الرياض، تكليفهم بالعمل الإداري، إعفاء رئيس المركز، توجيه عقوبة اللوم . إذا استمرت الهيئة على هذا النهج ستصل إما إلى تفكك جهاز الهيئة من كثرة (النقولات)، وتضخم جهاز الهيئة بالمحولين للعمل الإداري، أو تراخٍ بالعمل الميدان، وهذا لا يعني خطأ في العقوبات التأديبية فهي صحيحة، إنما عمل الهيئة بهذه المنهجية سينتهي إلى قرارات النقل والتحويل للعمل الإداري أو التراخي في تطبيق العمل الميداني، وهي مشكلة تعانيها وبأشكال مختلفة معظم القطاعات التي تعمل في الميدان.
هنا لابد من العودة إلى تحديد المهام، وإيجاد دليل إجرائي يضبط عمليات: القبض، التوقيف، التفتيش، المداهمة بأنواعها، المراقبة . ففي كل الأحوال لابد من تدخل الشرطة، وأيضاً تغيير ثقافة التعنيف الشخصي والضرب من رجال الهيئة، مع الاحتفاظ بكرامة الأشخاص وحقوقهم في حالة الاتهام والعقوبة بعد صدور الحكم.