هناك الكثير من المواضيع والأمور والقضايا المسكوت عنها، تجدها مركونة على رف من رفوف وزاراتنا، دون أن يجرؤ أحد على تحريك ملفها من مكانه، أو اتخاذ قرار ينهي تلك القضية للأبد، نحن البلد الوحيد في العالم الذي توجد به آلاف القضايا معلقة وغير واضحة وشبه مطموسة برمال السكوت عنها، وأكثر هذه القضايا بل تكاد تكون جميعها هي تلك القضايا التي تخص المرأة، نعم جميع قضايا المرأة السعودية مسكوت عنها ومركونة على الرف كقرار متعمّد في تركها هكذا دون حل.
عمل المرأة قضية شائكة ومعقّدة ومعلقة ومسكوت عنها، قضية تأنيث المحلات معلقة ومسكوت عنها، قضية تجارة المرأة، وكيلها، طلاقها، تعليقها، سفرها، حضانة أولادها، جميع معاملات المرأة بلا استثناء مسكوت عنها ومهملة وعلاها الغبار، سيدات فاضلات وأمهات ورائدات يعانين الأمرين من زوج مستهتر أو عاطل أو مدمن أو وكيل انتهازي أو ولي أمر جشع يتحرك القانون معهن على ظهر سلحفاة، وأغلبهن يخرجن بخفي حنين، وبعضهن تندم أنها دخلت في دهاليز وكهوف لا يعرف المشي بها إلا الرجال، بينما في سرعة البرق يتم افتكاك مراهقة دخلت علاقة بإرادتها مع رجل يقبض عليه بتهمة الابتزاز ليخنق حتى يعيد ما أخذه ريالاً ريالاً لتعود المراهقة لحياتها وكأن شيئاً لم يكن، مع قدرتها على إعادة التجربة مرة أخرى، في فزعة وانتفاضة رجالية لا تجدها سيدة فاضلة يبتزها زوج أو وكيل أو ولي أمر لسنوات عمر طويلة، حيث لا تجد تلك السيدة الفاضلة من يقرر الاستماع القانوني لمكالمات الزوج أو رسائله أو تهديداته بطرق ملتوية وغير إنسانية، لم نكن ننتظر وضع نساء في مجلس الشورى ليناقشن مشاكل التسرب الوظيفي أو رفع سعر الوقود في مجتمع لا حق للمرأة فيه، إلا ما تيسّر من فتات وظيفة تسمّى مجازاً وظيفة تحت آلاف الضغوط والمضايقات لتركها، لم نكن ننتظر وضع نساء الشورى في ركن محمي في مشهد يوحي بأشد حالات التهميش والقرارات الشكلانية التي لا تحمل روحاً داخلها ولا طاقة !كنا ننتظر من نساء مجلس الشورى الفاضلات نفض الغبار عن الملفات النسائية المسكوت عنها والمهملة شبه العمد وغير المحسومة بقانون واضح مع تكررها وتكرر ضررها، كنا ننتظر منهن التحرك السريع لمعالجة مشكلة الرقم اليومي المخيف لحالات الطلاق وتشريد آلاف الأسر بشكل يؤكد أن هناك مشكلة تخص مجتمعنا بأكمله وليس حالات فردية عابرة، الحقيقة إن نساء مجلس الشورى لم يستطعن أن يكنّ جزءاً من الحل بل زدن الطين بله!