لم يكن إعلان رئيس جهاز المخابرات الداخلية البريطاني « إم آي 5 « أندرو باركر - قبل أيام -، بأن: « مجموعات متطرفة متواجدة في سوريا تخطط؛ لشن اعتداءات واسعة النطاق في الغرب، قد يقوم بها مقاتلون عائدون من سوريا، وأن التهديدات الوشيكة قد تكون من تنظيم داعش، وأن متطرفين ينتمون إلى مجموعات تنتمي إلى القاعدة، يشكلون - أيضا - خطرا «، سوى ترجمة لتحذيرات خادم الحرمين الشريفين - الملك - عبدالله بن عبدالعزيز من خطر الإرهاب، حين وجّه رسالة إلى قادة العالم، بأن الإرهاب بكل ما يحمله من دمار، وخراب، سيصل إلى أوروبا، وأمريكا، ما لم يتحد العالم؛ لمحاربته بما يستحقه من توفير الوسائل القادرة على مواجهته بالقوة، والعقل، وبالسرعة اللازمة؛ حتى لا يصل إلى المستوى الذي تضيع فيه فرصة القضاء عليه.
كانت تحذيرات - الملك - عبدالله حجر الوازية للعالم أجمع، لكونها جاءت في وقت مبكر لتلك الدول؛ من أجل محاربة الإرهاب، ومواجهته، والتصدي له.ومع أن التفاعل الإيجابي مع هذه الخارطة، كان يستدعي سرعة التنسيق، والتحرك العالمي، إلا أنها لم تكن بالسرعة على الوجه المطلوب، بل كانت غير مبالية، وغامضة، ومثيرة للقلق. الأمر الذي يفسر سرّ غموض مواقف الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية من هذه الدعوة، والعمل على تشكيل القوى المتطرفة في المنطقة، وهو بالضبط ما يحدث اليوم من تجاهل لمواجهة خطر الإرهاب.
لا أبالغ إن وصفت تجربة السعودية في درء مخاطر الإرهاب على كافة الأصعدة - بالتراكمية الإستراتيجية -، القائمة على المقاربة الأمنية الصارمة، بالتوازي مع المقاربة الوقائية الاستباقية، - إضافة - إلى المقاربة الإصلاحية الفكرية. وهي تجربة ناجحة بكل المقاييس - العلمية والعملية -، بدت آثارها الإيجابية على المستويين - الإقليمي والدولي -، عن طريق دعم المبادرات التي تهدف إلى مكافحة الإرهاب بمختلف - أشكاله وصوره -، واتخاذ خطوات فعالة لمكافحة خطر المقاتلين الإرهابيين، وبحسب انتماءاتهم إلى تصنيفات دينية، أو فكرية متطرفة؛ لتثبت للعالم أجمع جدية مطلقة، وصرامة عالية في مواجهة العمليات الإرهابية.
اليوم، تقع المسؤولية على المجتمع الدولي، والقوى الكبرى في تحمل عواقب هذه الآفة الخطيرة. وعندما حذرت السعودية من تفاقم الأوضاع المأساوية في سوريا، والعراق، - ومثله - حرمان الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة، واستمرار الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، والأراضي العربية، لم يصغ المجتمع الدولي لهذه التحذيرات، ولم يستجب لها؛ لتعاني المنطقة - مع الأسف - من تطورات بالغة الخطورة، كان من آثارها : ظهور جماعات متطرفة هنا، وهناك، تبنت في فكرها، وسلوكها عنفا، وإرهابا لا مثيل له، بحجة إزالة الاحتلال، ورفع الظلم؛ وليولد - أيضا - من رحم هذه المآسي المتلاحقة، فراغ للسلطة في أماكن الصراع، ملأته جماعات متطرفة على أعين من الاستخبارات الدولية، والإقليمية، عاثت في الأرض فسادا، وقتلا، وعنفا.