لا يسعد بالشقاق بين الإخوة إلا الأعداء، ولا يستثمره بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلا ذوو الأغراض والنوايا السيئة؛ وهو ما حدث بكل تفاصيله من خلال توسيع شقة الخلاف في كل الاتجاهات الأيدلوجية والسياسية والإقليمية بين مصر وقطر، وهو ما شهدنا صوره وشطحاته وصوته العالي المدوي جليا في وسائل إعلام البلدين وما يدور في فلكهما، وأصبح الخلاف ليس في اتجاه قطر نحو جماعة الإخوان واحتضانها رموزهم وعدم اعترافها بثورة التصحيح التي أعادت الأمور إلى نصابها بعد أن كادت الجماعة تختطف مصر بعيدا إلى مصا ير الله وحده يعلم كيف تكون وأين تكون مصر حينذاك؛ بل شمل الخلاف الطائش المنفعل والمستجيب لرؤى لم تكن بصيرة ولا متئدة وقتها أخطر من السباب الإعلامي أو الشتائم الصحفية أو التعريض بالشخصيات أو الهمز واللمز اللذين خرجا في حالات كثيرة عن حدود أدب الاختلاف في وجهات النظر السياسية إلى إسقاط ورقة التوت التي تستر الكلمات والرسوم الكاريكاتورية.
لقد سعى الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - في اجتماعي الرياض، ثم في مؤتمر الدوحة، ومن خلال المندوبين والمراسلات المتعددة، وفي خطاباته المخلصة الصادقة إلى إزالة أسباب الخلاف بين مصر وقطر مهما كانت عميقة وساخنة؛ فاللحظة الدموية العاصفة التي تعيشها المنطقة العربية لا تحتمل الانتظار ولا الشقاق ولا التنافر؛ لأن الخطر التكفيري والمؤامرات التي يحيكها الأعداء من خلال تلك الجماعات يستهدف الجميع بلا استثناء؛ فليست السعودية أو الإمارات أو الكويت أو مصر أو الأردن وحدها مهددة بجحافل تتار العصر فحسب؛ بل إن قطر على رأس القائمة، وقد توعدت «داعش» بأن قطر لن تستطيع الاحتفال باستضافة الأولمبياد العالمي القادم!
وحد الملك عبد الله الأمة لتواجه مؤامرات التفتيت والتقسيم والتخريب وإنهاك الوطن العربي كله واتخاذ الجهاد ذريعة يتوسل به التكفيريون لتحقيق ما يؤمنون به من أفكار متطرفة تجعل العالم كله يحترق في مستنقع الدم والتناحر والتخلف.
يتحمل الدور السياسي السعودي المشرف والرائد الذي يقوده خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله الآن عبء قيادة الأمة العربية في مرحلة من أخطر المراحل التي تمر بها في مواجهة «سايكس - بيكو2» واجتثاث أدوات تنفيذ أجندتها من تكفيريين دواعش وغيرهم.